للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو يوسف: الحط والزيادة باطلان لاغيان، والعقد الأول صحيح.

وقال محمد: الحط جائز بمنزلة الهبة المستقبلة، والزيادة باطلة.

ومنشأ هذا الخلاف هو اختلافهم في تأثير الشرط الفاسد على العقد إذا تأخر ذكره عن العقد (١):

فعند أبي حنيفة: يلتحق هذا الشرط بالعقد ويفسد العقد، فإذا وجدت الزيادة أو الحط بعد انعقاد العقد، التحقا بأصل العقد، فكأن العقد وجد منذ إنشائه على هذا النحو مشتملاً على الزيادة في أحد العوضين، فيفسد العقد بسبب التفاضل في مال ربوي؛ لأن العوضين من جنس واحد، فيتحقق الربا.

وإنما شرط القبول في الحط عند أبي حنيفة، لأنه يترتب عليه فسخ العقد، ولا يحق لأحد المتعاقدين إجراء الفسخ إلا برضا الآخر.

وعند أبي يوسف ومحمد: إن الشرط الفاسد لا يلتحق بالعقد إلا أن أبا يوسف التزم هذا الأصل، فأسقط اعتبار الزيادة والحط جميعاً فبقي البيع الأول صحيحاً.

وأما محمد فإنه فرق بين الزيادة والحط، فقال: الزيادة باطلة والحط جائز؛ لأن الزيادة لو صحت لالتحقت بأصل العقد، فأفسدته، فبطلت الزيادة.

وأما الحط: فلا يشترط لصحته أن يلتحق بالعقد بدليل أن البائع لو حط جميع الثمن صح، ولا يلتحق بأصل العقد، إذ لو التحق لكان البيع واقعاً بلا ثمن، فيجعل حطاً للحال بمنزلة هبة مستأنفة أو مبتدأة بقطع النظر عن البيع الأول.


(١) راجع البدائع: ٢١٦/ ٥، الدر المختار: ٢٤٦/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>