للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أموال المقترض كركوب دابته، والأكل في بيته لأجل الدين، لا للإكرام ونحوه، كما تحرم هدية المقترض لرب المال، إن قصد المهدي بهديته تأخير الدين ونحوه. ولم تكن هناك عادة سابقة قبل القرض بإهداء الدائن بالمثل صفة وقدراً، أو حدث موجب جديد كصهارة، أو جوار، وكان الإهداء لذلك لا للدين. والحرمة تتعلق بكل من الأخذ والدفع، وعندئذ يجب عليه ردها إن كانت باقية، فإن تلفت وجب عليه رد المثل في المثلي، والقيمة في القيمي، هذا في حال بقاء علاقة الدين، أما عند وفاء الدين: فإن قضى المدين أكثر من الدين، فإن كان الدين بسبب بيع، جاز مطلقاً، سواء أكان المؤدى أفضل صفة أم مقداراً، في الأجل أم قبله أم بعده. وإن كان وفاء الدين بسبب سلف (أي قرض): فإن كانت الزيادة بشرط أو وعد أو عادة منعت مطلقاً، وإن كانت بغير شرط ولا وعد ولا عادة، جازت اتفاقاً عند المالكية في الأفضل صفة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم استسلف بَكْراً، وقضى جملاً بَكْراً خِياراً، كما سيأتي، واختلف في الأفضل مقداراً، ففي المدونة لمالك لا يجوز إلا في اليسير جداً، وأجازه ابن حبيب مطلقاً (١).

وقال الشافعية والحنابلة: لا يجوز قرض جرّ منفعة، مثل أن يقرضه ألفاً على أن يبيعه داره، أو على أن يرد عليه أجود منه أو أكثر منه؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم «نهى عن سلف وبيع» (٢). والسلف: هو القرض في لغة الحجاز. وروي عن أبي بن كعب


(١) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي: ٣ ص ٢٢٤ وما بعدها، القوانين الفقهية: ص ٢٨٨ ومابعدها.
(٢) سبق تخريج هذا الحديث، وقد رواه أبو داود والترمذي والنسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص بلفظ «لا يحل سلف ولا بيع» وله رواية أخرى عند الطبراني في معجمه عن حكيم بن حزام قال: «نهاني رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن أربع خصال في البيع: عن سلف وبيع، وشرطين في بيع، وبيع ما ليس عندك، وربح ما لم يضمن» (راجع نصب الراية: ٤ ص ١٩، مجمع الزوائد: ٤ ص ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>