للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به، والسنة لم تثبته، فلم يذكر في صفة وضوء النبي صلّى الله عليه وسلم. والثابت في صفة غسله عليه الصلاة والسلام مجرد إفاضة الماء مع تخلل أصول الشعر (١).

وقال المالكية: الدلك واجب، ويكون في الوضوء بباطن الكف، لا بظاهر اليد، ويكفي الدلك بالرجل في الغسل، والدلك فيه: هو إمرار العضو على العضو إمراراً متوسطاً، ويندب أن يكون خفيفاً مرة واحدة، ويكره التشديد والتكرار لما فيه من التعمق في الدين المؤدي للوسوسة.

وهو واجب بنفسه، ولو وصل الماء للبشرة على المشهور.

واستدلوا بما يأتي:

١ً - إن الغسل المأمور به في آية الوضوء {فاغسلوا وجوهكم} [المائدة:٦/ ٥]، لا يتحقق معناه إلا بالدلك، فإن مجرد إصابة الماء للعضو لا يعتبر غسلاً، إلا إذا صاحبه الإمرار بشيء آخر على الجسم، وهو معنى الدلك.

٢ً - حديث «بُلُّوا الشعر، وأنقوا البشر» (٢) على فرض صحته مشعر بوجوب الدلك؛ لأن الإنقاء لا يحصل بمجرد الإفاضة.

٣ً - القياس: قاسوا طهارة الحدث الأصغر على إزالة النجاسة التي لا تحصل إلا بالدلك والعرك، كما قاسوها على غسل الجنابة في آية: {وإن كنتم جنباً فاطهروا} [المائدة:٦/ ٥]، فالصيغة للمبالغة، والمبالغة تكون بالدلك. ويظهر لي أن الدلك وسيلة تنظيف وتحسين هيئة الأعضاء الظاهرة، ويكفي لتحقيق هذا


(١) عبرت ميمونة عن كيفية الغسل بالغسل، وعبرت عائشة بالإفاضة والمعنى واحد، وقد استدل بذلك على عدم وجوب الدلك، وعلى أن مسمى (غسل) لا يدخل فيه الدلك (نيل الأوطار: ١/ ٢٤٤ وما بعدها).
(٢) نيل الأوطار: ١/ ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>