أبو حنيفة: متى تعينت المدة لم يجز تقدير العمل. وقال الصاحبان: يجوز التقدير بهما معاً. وعلى هذا: إذا قال رجل لآخر: استأجرتك لتخيط هذا الثوب اليوم، أو لتقصر هذا الثوب اليوم، أو لتخبز قفيز دقيق اليوم، فالإجارة فاسدة عند أبي حنيفة. وجائزة عند الصاحبين.
وإذا استأجر شخص دابة إلى بلد أياماً معينة، فالإجارة فاسدة عند الإمام. وعند صاحبيه جائزة.
وجه قول الصاحبين: أن المعقود عليه هو العمل لأنه هو المقصود، والعمل معلوم، والقصد من ذكر المدة هو التعجيل، فلم تكن المدة معقوداً عليها، فلا يمنع ذكرها جواز العقد. وإذا وقعت الإجارة على العمل: فإن فرغ الأجير منه قبل تمام المدة فله كمال الأجر، وإن لم يفرغ منه في اليوم، فعليه أن يعمله في الغد.
ووجه قول أبي حنيفة: أن المعقود عليه مجهول، لأن العاقد ذكر أمرين: هما العمل والمدة، وكل واحد منهما يجوز أن يكون معقوداً عليه، وجهالة المعقود عليه توجب فساد العقد. هذا مع العلم بأنه لا يمكن الجمع بين العمل والمدة في كون كل واحد منهما معقوداً عليه؛ لأن حكمهما مختلف؛ إذ أن العقد على المدة يقتضي وجوب الأجر من غير عمل؛ لأن الأجير يصبح أجيراً خاصاً؛ والعقد على العمل يقتضي وجوب الأجر بالعمل؛ لأن الأجير يصبح أجيراً مشتركاً، فكان المعقود عليه أحدهما، وليس أحدهما بأولى من الآخر، فكان المعقود عليه مجهولاً.
وقال الحنابلة: إذا عقدت الإجارة على عمل كبناء حائط، وخياطة قميص، وحمل إلى موضع معين، فإذا كان المأجور مما له عمل ينضبط كالحيوان، جاز تقدير إجارته بمدة وعمل؛ لأن المأجور له عمل تتقدر منافعه به. وإن لم يكن المأجور له عملاً كالدار والأرض، لم تجز إجارته إلا على مدة، ومتى تقدرت المدة، لم يجز