للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أفتى المتأخرون من العلماء بجواز أخد المعلم أجرة المثل في زمانه على تعليم القرآن.

وقال الإمامان مالك والشافعي (١): تجوز الإجارة على تعليم القرآن لأنه استئجار لعمل معلوم ببدل معلوم، ولأن رسول الله صلّى الله عليه وسلم «زوج رجلاً بما معه من القرآن» (٢) فجاز جعل القرآن عوضاً، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله» (٣) وهو حديث صحيح. وثبت أن أبا سعيد الخدري رقى رجلاً بفاتحة الكتاب على جُعْل، فبرئ، وأخذ أصحابه الجعل، فأتوا به رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخبروه وسألوه فقال: «لعمري من أكْل برقيةِ باطلٍ (أي كلام باطل) فقد أكلتَ برقيةِ حقٍ، كلوا واضربوا لي معكم بسهم» (٤).

قال صاحب الكنز الحنفي: والفتوى اليوم على جواز الاستئجار لتعليم القرآن، وهو مذهب المتأخرة من مشايخ بلخ (٥).

وأجاز المالكية أخذ الأجرة على الأذان مع الإمامة والقيام بالمسجد لا على الصلاة بانفرادها قياساً على الأفعال غير الواجبة، كما أجازوا هم والشافعية


(١) الشرح الكبير للدردير: ٤ ص ١٦، بداية المجتهد: ١ ص ٢٢١، مغني المحتاج: ٢ ص ٣٤٤، المهذب: ١ ص ٣٩٨، الميزان: ٢ ص ٩٥، القوانين الفقهية: ص ٢٧٥.
(٢) رواه البخاري ومسلم وأحمد ولفظه «قد زوجتكها بما معك من القرآن» (انظر نيل الأوطار: ٦ ص ١٧٠).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الطب عن ابن عباس وروي في معناه أحاديث كثيرة (انظر نصب الراية: ٤ ص ١٣٩، مجمع الزوائد: ٤ ص ٩٤، سبل السلام: ٣ ص ٨١).
(٤) رواه أحمد وأصحاب الكتب الستة إلا النسائي عن أبي سعيد الخدري، ورويت واقعة أيضاً عن خارجة بن السلط عن عمه، كما رويت أخرى عن جابر (انظر نصب الراية: ٤ ص ١٣٨، نيل الأوطار: ٥ ص ٢٨٩، ٢٩١، مجمع الزوائد: ٤ ص ٩٦).
(٥) تبيين الحقائق: ٥ ص ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>