للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفاوضتم فأحسنوا المفاوضة»، «فاوضوا فإنه أعظم للبركة» (١) ولأن الناس يتعاملون بها في سائر الأعصار من غير نكير من أحد. وأما الجهالة الحاصلة فيها وهي أنها تتضمن الوكالة بشراء مجهول الجنس، والكفالة بمجهول، فإنها متحملة، لأنها تثبت تبعاً، والتصرف قد يصح تبعاً ولا يصح مقصوداً، كما هو الحال في المضاربة، فإنها تتضمن الوكالة بشراء مجهول الجنس.

وأما المالكية: فأجازوا شركة المفاوضة بغير هذا المعنى الذي ذكره الحنفية: وهو أن تعقد الشركة على أن يكون كل شريك مطلق التصرف في رأس المال استقلالاً، دون حاجة إلى أخذ رأي شركائه، حاضرين أم غائبين، بيعاً وشراء وأخذاً وعطاء وكراء واستكراء، وضماناً وتوكيلاً وكفالة وقراضاً وتبرعاً وغيرها مما تحتاج إليه التجارة من تصرف. ويلزم كل شريك بكل ما يعمله شريكه. ولا تكون إلا فيما تم العقد عليه من أموالهم، دون ما ينفرد به كل منهم من مال لم يدخله في الشركة.

أما إذا عقدت الشركة على ألا يستبد (ينفرد) أحد الشركاء بالتصرف في رأس المال، وليس له إلا أن يعمل مع شركائه جميعاً، فإنها حينئذ تسمى عندهم شركة عنان (٢).

وعلى هذا فشركة المفاوضة بمفهومها عند المالكية، لا خلاف فيها عند الفقهاء.


(١) قال الحافظ الزيلعي عن هذا الحديث وما قبله: غريب أي لا أصل له، ثم حاول أن يجد أصلاً للحديث، فقال: أخرج ابن ماجه في سننه عن صهيب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ثلاث فيهن البركة: البيع إلى أجل، والمقارضة، وإخلاط البر بالشعير للبيت لا للبيع» ثم قال الزيلعي: ويوجد في بعض نسخ ابن ماجه (المفاوضة) بدل (المقارضة) (راجع نصب الراية: ٤٧٥/ ٣).
(٢) الشركات في الفقه الإسلامي لأستاذنا المرحوم علي الخفيف: ٣٤، الإفصاح: ٢٥، القوانين الفقهية: ٢٨٣، الشرح الكبير للدردير: ٣٥١/ ٣، ٣٥٩، الخرشي: ٤٣/ ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>