أما إذا هلك أحد مالي الشريكين فتبطل الشركة أيضاً؛ لأن الشريك لم يرض بشركة صاحبه إلا ليشركه في ماله، فإذا هلك ماله لم يكن راضياً بشركته عند عقد الشركة، فيبطل العقد لعدم فائدته. ويهلك المال حينئذ على ذمة صاحبه، لأنه إذا كان المال في يده، فالأمر ظاهر، وإذا كان في يد صاحبه فإنه أمانة في يده كما عرفنا.
فإن حصل الهلاك لمال شريك بعد خلطه بمال الشريك الآخر، فإنه يهلك على الشركة؛ لأنه لا يتميز عن غيره، فيجعل الهلاك من المالين. وكذلك إن اشترى أحد الشريكين بماله، وهلك مال الآخر بعد الشراء قبل أن يشتري به شيئاً، فإن المشترى يكون بين الشريكين بحسب ما شرطا؛ لأن تملك الشيء المشترى حيث حدث أي (بالشراء) حدث مشتركاً بينهما لقيام الشركة وقت الشراء، فلا يتغير حكم الشركة بهلاك مال الآخر بعدئذ.
ثم الشركة الواقعة في هذا الشيء المشترى بعد هلاك مال الآخر شركة عقد عند الإمام محمد خلافاً للحسن بن زياد، فإنها شركة ملك عنده، فلا ينعقد بيع أحدهما إلافي نصيبه؛ لأن شركة العقد بطلت بهلاك المال كما لو هلك قبل الشراء بمال الآخر، ولم يبق إلا حكم الشراء وهو الملك، فكانت شركتهما في المتاع شركة ملك.
وعلى قول محمد وهو الراجح: يجوز لأي منهما بيع كل المتاع، وينفذ بيعه، لأن الشركة قد تمت في المشترى، فلا تنتقض بهلاك المال بعد تمامها، كما لو كان الهلاك بعد الشراء بالمالين جميعاً.
وإذا وقع الشيء المشترى على الشركة فيرجع المشتري على صاحبه بحصته من الثمن؛ لأنه اشترى نصفه له بوكالته، ونقد الثمن من ماله نفسه، فيرجع عليه بحسابه.