والأوزاعي وأبي ثور وابن المنذر). وأما الحنابلة فقد أجازوا اشتراط بقاء يد المالك على المال.
وأجاز المالكية للعامل أن يشترط عمل رب المال مجاناً أن يعمل معه في مال القراض، أو يشترط تقديم دابة رب المال حيث كان المال كثيراً. كما أجازوا أيضاً لمريد القراض أن يدفع مالين متعاقبين، أي واحداً بعد واحد لعامل واحد، إذا شرطا خلط المالين عند دفع الثاني؛ لأنه يرجع حينئذ إلى أجر واحد معلوم.
وفي هذا الشرط تختلف المضاربة عن شركات الأموال، فإنها تصح مع بقاء يد رب المال على ماله. والفرق هو أن المضاربة انعقدت على رأس مال من أحد الجانبين، وعلى العمل من الجانب الآخر، ولا يتحقق العمل إلا بعد خروج المال من يد صاحبه ليتمكن من التصرف فيه. أما الشركة فإنها انعقدت على العمل من الجانبين، فإذا شرط زوال يد رب المال عن العمل، فيكون هذا الشرط مناقضاً لمقتضى العقد، كما لو شرط في المضاربة عمل رب المال، فإن المضاربة تفسد، سواء عمل رب المال مع المضارب، أم لم يعمل؛ لأن شرط عمله معه معناه اشتراط بقاء يده على المال، وهذا شرط فاسد، لأنه يمنع المضارب من التمكن من التصرف، فلا يتحقق المقصود من العقد (١).
وهذا الشرط مطلوب، سواء أكان المالك عاقداً أم غير عاقد، فلا بد من زوال يد رب المال عن ماله لتصح المضاربة.
ويترتب عليه أن الأب أوا لوصي إذا ضارب في مال الصغير، وشرط عمل
(١) يلاحظ أن الخلاف في هذا الشرط إذا كان عمل رب المال مشترطاً في العقد. أما إذا عمل متبرعاً من غير شرط، كأن استعان به المضارب فلا يؤثر ذلك في صحة المضاربة اتفاقاً (الشركات للأستاذ الخفيف: ص ٧٠).