للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْحَلون أبناءهم نُحلاً، ثم يمسكونها فإن مات ابن أحدهم، قال: «مالي بيدي، لم أعطه أحداً، وإن مات هو قال: هو لابني، قد كنت أعطيته إياه، فمن نحل نحلة فلم يَحُزْها الذي نحلها ـ وأبقاها ـ حتى تكون إن مات لورثته، فهي باطلة» (١).

وهذا هو قول عثمان وعلي أيضاً (٢)، وفي الجملة فإن الخلفاء الراشدين وغيرهم اتفقوا على أن الهبة لا تجوز إلا مقبوضة محوزة (٣).

وقال الحنابلة في أرجح الروايتين عن أحمد: القبض شرط لصحة الهبة في المكيل أو الموزون، لإجماع الصحابة على ذلك، ويظهر أن المراد بكون القبض شرط صحة أنه شرط لزوم، بدليل قول ابن قدامة: إن المكيل والموزون لا تلزم فيه الصدقة والهبة إلا بالقبض، وهو قول أكثر الفقهاء.

أما غير المكيل أو الموزون فتلزم الهبة فيه بمجرد العقد، ويثبت الملك في الموهوب قبل قبضه، لما روي عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما قالا: الهبة جائزة إذا كانت معلومة، قبضت أو لم تقبض (٤).


(١) تنوير الحوالك شرح موطأ مالك، الموضع السابق. والنحلة: العطية من غير عوض، أو الهبة.
(٢) والصدقة على الفقير كالهبة، بجامع التبرع، فلا تصح إلا بالقبض لأنها تبرع كالهبة، لاتجوز في مشاع يحتمل القسمة لأنها كالهبة، لكن إذا تصدق على فقيرين بشيء يحتمل القسمة، جاز، لأن المقصود في الصدقة هو الله تعالى، وهو واحد، والفقير نائب عنه في القبض. ولا يصح الرجوع في الصدقة، ولو على غني استحساناً بعد القبض لأن المقصود هو الثواب وقد حصل.
(٣) هذا أثر عن الصحابة، ورد الزيلعي على من قال: إنه حديث بقوله: غريب، ورواه عبد الرزاق من قول النخعي قال: «لا تجوز الهبة حتى تقبض، والصدقة تجوز قبل أن تقبض» (راجع نصب الراية: ٤ ص/١٢١، وراجع المبسوط: ١٢ ص ٥٧، تكملة فتح القدير: ٧ص ١١٣ ومابعدها، البدائع: ٦ ص ١٢٣، المهذب: ١ ص ٤٤٧، مغني المحتاج: ٢ ص/٤٠٠).
(٤) المغني: ٥ ص ٥٩١ ومابعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>