يده؛ لأن غرض المدين من الدفع إلى الوكيل براءة ذمته من الدين، ولم تحصل تلك البراءة، فيحق للمدين أن ينقض قبض الوكيل. وإن كان ما دفعه إليه، ضاع في يده، لم يرجع المدين على الوكيل؛ لأن المدين بتصديق الوكيل اعترف أن الوكيل محقّ في القبض، والمحق في القبض لا رجوع عليه، ولأن المدين بتصديقه اعترف أنه مظلوم في أخذ الدين مرة ثانية، والمظلوم لا يظلم غيره.
ولكن إذا قال مدعي الوكالة: إني وكيل فلان الغائب بقبض الوديعة التي عندك، فصدقه الوديع، لم يؤمر بالتسليم إليه؛ لأنه أقر له بمال الغير، بخلاف الدين، لأن الدين حق شخصي ثابت في الذمة، فيلزم المدين إذا صدق المدعي بتسليمه الدين عملاً بإقراره، أما في حالة الوديعة فلا يلزم بتسليمها إلى مدعي الوكالة؛ لأن حق المودع فيها حق عيني، وهو الملكية المتعلقة بعينها، فلا يعمل بإقراره لمساسه بحق الغير. أما الدين فيقتصر أثر الإقرار فيه على المقر فينفذ.
والثاني: إن صدق المدين مدعي الوكالة وضمنه عند الدفع بأن يقول له: اضمن لي ما دفعته عن الدائن، حتى لو أخذ مني الدائن ماله آخذ منك ما دفعته إليك، فإن المدين يرجع على الوكيل حينئذ بما دفعه له أولاً؛ لأن الذي أخذه الدائن منه مرة ثانية ضامن له في زعم الوكيل والمدين؛ لأن الدائن في نظرهما يعتبر غاصباً فيما يقبضه ثانياً. وكأن هذا يعتبر كفالة من مدعي الوكالة كما لو قال:«أنا ضامن لك ما يقبضه منك فلان»، وهذه الكفالة صحيحة؛ لأنها كالكفالة المضافة إلى وجوب شيء في المستقبل على المكفول عنه، أي بما يجب على إنسان في المستقبل.
والثالث: إذا كذب المدعي مدعي الوكالة، أو لم يصدق ولم يكذب ومع ذلك دفع الدين إليه على ادعائه، فإن رجع صاحب المال على المدين، رجع المدين على الوكيل، لأنه إذا كذبه، صار الوكيل في حقه، بمنزلة الغاصب، وللمغصوب