للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يلاحظ أيضاً أنه لا مانع من ثبوت الدين في أكثر من ذمة؛ لأن الدين أمر اعتباري من الاعتبارات الشرعية، فجاز أن يعتبر الشيء الواحد في ذمتين، وإنما الممتنع هو ثبوت عين في زمن واحد في ظرفين حقيقيين.

والدليل على ثبوت الدين في ذمة الكفيل أنه لو وهب الدين للكفيل صحت الهبة، وأن الكفيل يرجع بالدين على الأصيل مع أن هبة الدين لغير من عليه الدين لا تجوز. ويصح أيضاً للدائن أن يشتري شيئاً من الكفيل بالدين الذي له، مع أن الشراء بالدين من غير من عليه الدين لا يصح.

وأما دليل الحنفية على مذهبهم: فهو أن الدين وإن أمكن شرعاً اعتباره في ذمتين لا يجب الحكم بوقوع كل ممكن إلا بموجب، ولا موجب هنا؛ لأن التوثق بالدين يحصل بثبوت حق المطالبة، وأجابوا عن صحة الهبة ونحوها بأنهم جعلوا الدين في حكم الدينين لضرورة تصحيح تصرف صاحب الحق (١).

ومن أدلة الحنفية أيضاً أن الكفالة كما تصح بالمال تصح بالنفس مع أنه لا دين فيها، والمضمون بالكفالة بالنفس هو إحضار المكفول به، وكما تصح بالدين تصح بالأعيان المضمونة، وتعريف الكفالة بما يفيد ثبوت حق المطالبة فيها هو من أجل شمول جميع هذه الأنواع بخلاف ما لو قصرنا معناها على الضم في الدين، فإنه يراد بها الكفالة بالمال فقط. والخلاصة: إن تعريف الكفالة بالضم في المطالبة أعم لشموله أنواع الكفالة: وهي الكفالة بالمال وبالنفس وبالأعيان، وهو معنى كون هذا التعريف أصح.

وأما من عرفها بالضم في الدين فإنه أراد تعريف نوع منها وهو الكفالة بالمال. وأما النوعان الآخران فمتفق على كون الكفالة بهما كفالة بالمطالبة. فيكون


(١) المراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>