للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - إذا كانت الحوالة مقيدة وظهرت براءة المحال عليه من الدين الذي قيدت به الحوالة، بأن كان الدين ثمن مبيع فاستحق المبيع، تبطل الحوالة؛ لأنه لما قيد الحوالة بالدين فقد تعلق الدين بالحوالة، فإذا ظهر أنه لا دين، فقد ظهر أنه لا حوالة.

أما إذا كانت الحوالة مطلقة وظهرت براءة المحال عليه من الدين، فإنها لا تبطل؛ لأن الدين لم يتعلق بالحوالة، وإنما تعلق بالذمة، فلا يظهر أن الحوالة كانت باطلة.

٣ - إذا كانت الحوالة مقيدة ثم مات المحيل قبل أن يؤدي المحال عليه الدين إلى المحال، وكان على المحيل ديون أخرى غير دين المحال، وليس له مال سوى هذا الدين الذي على المحال عليه، فإنه لا يكون المحال أحق به من بين سائر الغرماء (أي الدائنين) عند أئمة الحنفية الثلاثة. وعند زفر: يكون أحق به من بين سائر الغرماء كالرهن. ورد عليه بأن هناك فرقاً بين الحوالة والرهن وهو أن المرتهن يتحمل وحده غرم الرهن، فيختص بغنمه أخذاً بالحديث: «الخراج بالضمان» (١) أي أن الغنم بالغرم، أما المحال فلم يختص بتحمل غرم المال، فلا يكون له الحق في أن يختص بالغنم، وحينئذ يكون له الحق في مقاسمة الغرماء فقط.

أما إذا كانت الحوالة مطلقة: فإنه يؤخذ من المحال عليه جميع الدين الذي


(١) أخرجه أحمد والشافعي وأبو داود الطيالسي، وأصحاب السنن الأربعة وصححه الترمذي وابن حبان وابن الجارود والحاكم وابن القطان عن عائشة أن النبي صلّى الله عليه وسلم قضى أن «الخراج بالضمان» الخراج: هو الدخل والمنفعة أي يملك المشتري الخراج الحاصل من المبيع بضمان الأصل الذي عليه أي بسببه، فالباء للسببية. وفي رواية النسائي: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قضى أن «الخراج بالضمان، ونهى عن ربح ما لم يضمن» وفي رواية: «أن رجلاً ابتاع غلاماً فاستغله، ثم وجد به عيباً فرده بالعيب، فقال البائع: غلة عبدي، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: الغلة بالضمان» وهناك لفظ آخر لهذه الرواية (انظر جامع الأصول: ٢٨/ ٢ - ٣٢، نيل الأوطار: ٢١٣/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>