للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الأول ـ تعريف الرهن ومشروعيته وركنه وعناصره وأحواله:

تعريف الرهن: الرهن لغة: إما الثبوت والدوام، يقال: ماء راهن أي راكد، وحالة راهنة: أي ثابتة. وإما الحبس واللزوم، قال تعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة} [المدثر:٣٨/ ٧٤] أي محبوسة. والظاهر أن في الحبس معنى الدوام والثبوت، فأحد المعنيين تطور للمعنى الآخر، والظاهر أن المعنى الأول هو الحبس؛ لأنه المعنى المادي. وعلى كل حال، فالمعنى الشرعي ذو صلة بالمعنى اللغوي، وقد يطلق الرهن لغة على الشيء المرهون: وهو ما جعل وثيقة للدين، من باب تسمية المفعول بالمصدر.

وعقد الرهن شرعاً (١): حبس شيء بحق يمكن استيفاؤه منه، أي جعل عين لها قيمة مالية في نظر الشرع وثيقة بدين بحيث يمكن أخذ الدين كله أو بعضه من تلك العين. أو هو عقد وثيقة بمال، أي عقد على أخذ وثيقة بمال، لا بذمة شخص، فامتاز عن الكفالة؛ لأن التوثق بها إنما يكون بذمة الكفيل، لا بمال يقبضه الدائن، ومعنى «وثيقة» أي متوثق بها، فقد توثق الدين وصار مضموناً محكماً بالعين المرهونة، وكون الوثيقة ذات قيمة مالية لإخراج العين النجسة والمتنجسة بنجاسة لا يمكن إزالتها، فإنها لا يجوز أن تكون وثيقة للدين.

وعرفه الشافعية (٢) بقولهم: جعل عين وثيقة بدين يستوفى منها عند تعذر وفائه. وقولهم «جعل عين» يفيد عدم جواز رهن المنافع؛ لأنها تتلف فلا يحصل بها استيثاق.


(١) اللباب: ٥/ ٢، الدر المختار: ٣٣٩/ ٥، المبسوط: ٦٣/ ٢١.
(٢) مغني المحتاج: ١٢١/ ٢، حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب للأنصاري: ١٢٢/ ٢، ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>