للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الحكم سواء أكان الشيوع مقارناً لعقد الرهن أم طارئاً عليه، فإذا طرأ الشيوع على الرهن، أفسده. وروي عن أبي يوسف: أن الشيوع الطارئ على العقد، لا يفسده؛ لأنه يغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء، كالهبة التي يطرأ عليها الشيوع بعد القبض، فلا يفسدها.

ورد عليه: أن العلة في المنع كون الشيوع ما نعاً من تحقق القبض، وهذا يستوي فيه الابتداء والبقاء، بخلاف الهبة؛ لأن الملك لا يتنافى مع الشيوع.

وأما مذهب الجمهور غير الحنفية (١): فهو أنه يصح رهن المشاع أو هبته أو التصدق به أو وقفه، كرهن كله، من الشريك وغيره، محتملاً للقسمة أم لا؛ لأن كل ما يصح بيعه يصح رهنه، ولأن الغرض من الرهن استيفاء الدين من ثمن المرهون ببيعه عند تعذر الاستيفاء من غيره، والمشاع قابل للبيع، فأمكن الاستيفاء من ثمنه. والقاعدة عندهم: كل ما جاز بيعه جاز رهنه من مشاع وغيره.

وأما كيفية الحيازة، فقال المالكية: يجب قبض جميع ما يملكه الراهن، ما رهنه وما لم يرهنه، لئلا تجول يد الراهن فيما رهنه، فيبطل الرهن. فإن كان الجزء غير المرهون غير مملوك للراهن، اكتفي بحيازة الجزء المرهون. ولا يستأذن الراهن شريكه في رهن حصته، إذ لا ضرر على الشريك، وهذا قول ابن القاسم المشهور. نعم يندب الاستئذان لما فيه من جبر الخواطر. وقال أشهب: يجب استئذانه.

ويرى الشافعية والحنابلة: أن قبض المشاع في العقار يكون بالتخلية، وإن لم يأذن الشريك، وفي المنقول يكون بالتناول، ويشترط فيه إذن الشريك، ولا يجوز نقله بغير إذن الشريك. فإن أبى ورضي المرتهن بكونه في يد الشريك، جاز وناب


(١) الشرح الكبير: ٢٣٥/ ٣، بداية المجتهد: ٢٦٩/ ٢، القوانين الفقهية: ص ٣٢٣، المهذب: ٣٠٨/ ١، مغني المحتاج: ١٢٢/ ٢ ومابعدها، المغني: ٣٣٧/ ٤ ومابعدها، كشاف القناع: ٣١٢/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>