للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني عند الحنفية والشافعية والحنابلة (١)؛ لأن فيه مساساً بحق المرتهن الدائن، إذ مالية المرهون له، فلا يكون لغيره أن يتعلق حقه به.

لكن إذا أجاز المرتهن الأول الرهن الثاني نفذ، وبطل ارتهانه للشيء، ويبطل ارتهان المرتهن أيضاً، إذا رهن الشيء وهو بدين عليه، بإذن مالكه، ويصير رهناً بدينه، ويكون حكمه حكم رهن الشيء المستعار للرهن.

أما إن رهنه المرتهن الأول بدون إذن مالكه الراهن، كان رهنه غير صحيح، وكان للمالك إعادة الشيء إلى يد المرتهن الأول كما كان.

فلو هلك الشيء في يد المرتهن الثاني قبل إعادته للأول، فمالكه بالخيار عند الحنفية: إن شاء ضمن المرتهن الأول، وإن شاء ضمن المرتهن الثاني، كما هو الحكم في رهن ملك الغير. فإن ضمن الأول، جاز رهنه؛ لأن بدل المرهون يصير مرهوناً. وإن ضمن المرتهن الثاني، بطل رهن الأول، وكان الضمان رهناً لدى المرتهن الأول، ويرجع الثاني على الأول بما ضمن، لأنه غرره.

وقال المالكية (٢): يجوز رهن العين المرهونة إذا كانت قيمتها تزيد على قيمة الدين، فيكون الرهن الجديد لتلك الزيادة، ويكون الدين الثاني المتعلق بالمرهون في المنزلة الثانية، فإذا بيعت العين في الدين يوفى الدين الأول، والباقي يوفى به الدين الثاني. وبه يظهر أن حق الدائن الأول لم يمس، فلا يتوقف نفاذ الرهن الثاني على إجازته.

وإذا كانت العين في يد عدل، والرهن الجديد للمرتهن الأول أو لأجنبي غيره، لم يتم الرهن الثاني إلا برضا العدل بحوزه على الوضع الجديد.


(١) البدائع: ١٤٧/ ٦، نهاية المحتاج: ٢٦٧/ ٣، ٣٠٥، مغني المحتاج: ١٢٧/ ٢، المغني: ٣٤٧/ ٤ ومابعدها.
(٢) الشرح الكبير: ٢٣٨/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>