فإذا رهن الوارث بعض أعيان التركة التي يتعلق بها دين على الميت، فقال الحنفية: يكون الرهن موقوفاً على تخليص أو تطهير التركة من الدين، لكي تخلص العين المرهونة لمرتهنها، ولأن الدين يمنع تملك الورثة للتركة، على خلاف بين الحنفية في الدين الذي لا يحيط بها.
وكذلك قال المالكية: إن رهن الوارث في هذه الحال صحيح، ولكن نفاذه موقوف على سداد الدين، فإذا لم يسدد، نقض هذا التصرف؛ لأن الدين يمنع من تملك الورثة عندهم.
وقال الحنابلة (١) في أصح الوجهين عندهم: لو رهن الوارث تركةا لميت، أو باعها، وعلى الميت دين، ولو من زكاة، صح الرهن والبيع، لانتقال التركة إليه بموت مورثه، فتصرفه صادف ملكه، ولم يرتب عليه من قبله أوباختياره حقاً لغيره، فلم يكن مثل رهن المر هون الذي رهنه من قبل والذي تعلق به حق الغير باختياره، وإنما في التركة لم يتعلق دين المتوفى بالمال باختيار الوارث، بل بحكم الشرع. وهكذا الحكم في كل حق ثبت وتعلق بالمال من غير إثباته وفعله كالزكاة والجناية، فلا يمنع ذلك من رهن ما تعلق به الحق.
فيصح الرهن، وتكون أعيان التركة محملة بالدين. فإن تم الرهن، ثم وفى الوارث الحق الذي تعلق بالتركة: وهو الدين الذي على المتوفى، من مال آخر، فالرهن على حاله، وإن لم يقض الحق، فلغرماء التركة انتزاع ما رهن منها؛ لأن حقهم أسبق.
وهذا مثل ما لو تصرف الوارث في التركة، ثم رد عليه مبيع باعه المورث بعيب ظهر فيه، أو تعلق بالتركة حق بعد وفاة المورث بسبب سابق، كأن وقعت