للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دين من جنس واجب نفقتها، لم يحتسب به عليها من نفقتها مع عسرتها؛ لأن قضاء الدين إنما يكون بما فضل عن النفقة ونحوها، أي أن المقاصة الجبرية بين دين نفقة المرأة ودين عليها لا تقع في حالة الإعسار؛ لأن النفقة مقدمة على وفاء الدين. وهذا ضرر للمدين.

وتجهيز الميت مقدم على الدين كالنفقة، فمن باع شيئاً من التركة لدائن الميت من جنس دينه، لم تقع المقاصة، مراعاة لحق الميت ودفعاً للضرر، وهذا ضرر للمدين.

والدين الموثق بالرهن مقدم على غيره من الديون العادية في استيفاء الدين من الرهن، فلو باع الراهن المرهون لدائن غير مرتهن، ليوفي دين المرتهن، وكان الثمن مثل الدين الذي للمشتري عليه، لم تقع المقاصة. وهذا ضرر لمن تعلق حقه بالعين.

وكما أن ضرر المدين نفسه، وضرر من تعلق حقه بالعين يمنع من المقاصة، كذلك يمنع منها تعلق حق باقي الغرماء، فللقاضي عند الجمهور غير أبي حنيفة أن يحجر على المدين المفلس بطلب غرمائه، وله أن يمنعه من البيع بأقل من ثمن المثل، ومن التصرف والإقرار، حتى لا يضر بالغرماء.

والخلاصة: إذا تعلق بأحد الدينين حق الغير لا تجوز المقاصة. مثال تعلق حق أحد الدينين: أن يبيع الرهن لإيفاء دين الدائن غير المرتهن، ومثال تعلق حق الغرماء: أن يبيع المفلس بعض غرمائه بثمن في الذمة من جنس دينه.

فلا مقاصة في الحالتين، لتعلق حق المرتهن بالمال في الأولى، ولتعلق حق باقي الغرماء في المبيع في الثانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>