للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر أنه أجاز طلاق المكره (١). ويؤيده عموم قوله تعالى: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد} [البقرة:٢٣٠/ ٢] الآية.

والخلاصة: أن هذه التصرفات تصح وتلزم من المستكره.

ويرى جمهور الأئمة غير الحنفية أن الإكراه يؤثر في هذه التصرفات، فيفسدها، فلا يقع طلاق المكره مثلاً، لا يثبت عقد النكاح بالإكراه ونحوهما. وهذا هو الأرجح.

واستدلوا بأن الله تعالى لما لم يرتب على التلفظ بالكفر حالة الإكراه أثراً في قوله تعالى: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} [النحل:١٠٦/ ١٦] فلا يترتب على أي تصرف قولي مع الإكراه أي أثر.

وقد ثبت في السنة أن خنساء بنت خزام الأنصارية زوجها أبوها وهي ثيب، فكرهت ذلك، فأتت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فرد نكاحها (٢)، ويؤيدها حادثة أخرى وهي أن فتاة زوجها أبوها من ابن أخيه وهي كارهة، فجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلم الأمر إليها (٣).


(١) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن ابن عمر (نصب الراية: ٢٢٢/ ٣).
(٢) رواه البخاري عن خنساء بنت خزام (نصب الراية: ١٩١/ ٣).
(٣) أخرجه النسائي وأحمد عن عائشة بلفظ: «إن فتاة دخلت عليها، فقالت: إن أبي زوجني من ابن أخيه يرفع بي خسيسته (أي دنا ءته) وأنا كارهة، قالت: اجلسي حتى يأتي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخبرته، فأرسل إلى أبيها، فدعاه، فجعل الأمر إليها، فقالت: يارسول الله، قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن أعلم النساء، أن ليس للآباء من الأمر شيء» قال البيهقي: هذا مرسل. ويؤيده خبر آخر في موضوعه، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه مرسلاً عن ابن عباس (راجع سبل السلام: ١٢٢/ ٣، نصب الراية، المرجع السابق: ص ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>