وهو مصلحة للفرد والمجتمع ودفع للضرر عنهما، بتدريب المحجور وتوفير الخدمة اللازمة له بالتصرفات وممارسة شؤون التجارات، حتى لا يصبح عالة على المجتمع، وكيلا تبدد الأموال. وهو عون ضروري من الكبير الراشد ليتيم قاصر مثلاً للأخذ بيده في سفينة الحياة، ولتثمير ماله، والإنفاق منه على الأمور الضرورية له، والبعد عن الأوجه المتنوعة للصرف فيما لا يحق النفع والخير له. فالمحجور عليه إن كان صغيراً أو مجنوناً أو معتوهاً، هو ناقص العقل ليس أهلاً لتقدير المصلحة، ولا يتصور منه الرضا الصحيح، ولا القصد والاختيار. فالحجر عليه إنما كان لعجزه عن التصرف في ماله على وجه المصلحة حفظاً لماله عليه. وإن كان سفيهاً مبذراً لأمواله هو متلف له ومضيعة في غير الوجوه النافعة.
وإن كان مغفلاً فلا يهتدي إلى التصرفات الرابحة، وإنما يغبن في البيوع ويتضرر بها.
وإن كان مديناً فلا بد من رعاية حق الدائنين في أموالهم وحفظ مصالحهم وعدم إضاعتها دفعاً للضرر عنهم، وحتى لا ينضب معين الخير في الناس، ولا ينفر أو يتبرم امرؤ من إقراض غيره قرضاً حسناً ينقذه من ورطات السوء.
لذا كان الحجر محققاً لمصلحة المحجور عليه نفسه بحفظ ماله وحقوقه، ولمصلحة المجتمع أيضاً بإيصاد منافذ العوز والفاقة والفقر؛ لأن المال عصب الحياة، فيجب إنفاقه في غير إسراف ولا تبذير لقوله تعالى:{إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين}[الإسراء:٢٧/ ١٧].
وقد أوصى الله الأولياء والأوصياء عن اليتامى والمساكين بضرورة الإشراف على شؤونهم بالحق والعدل والمعروف، إذ أنه ربما ترك الإنسان ذرية ضعافاً يحتاجون لمعاونة غيرهم لهم، فقال سبحانه: {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم