للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومريض يخاف عليه في العادة كالُحمَّى القوية والسُّل وذات الجنب وشبهها. وفي رأيي أن تقدير خطر الموت عائد لظروف تقدم الطب في كل عصر. فإذا كان السل مثلاً مرضاً خطيراً في الماضي، فقد أصبح في عصرنا غير خطير بعد اكتشاف عصيات السل؛ وعلاجه المناسب له.

واتفق أئمة المذاهب (١) على جواز الحجر على مريض الموت لحق الورثة. وصرح المالكية أنه يلحق به: من يخاف عليه الموت كالمقاتل في صف القتال، والمحبوس للقتل، أو المحكوم بالإعدام، والحامل إذا بلغت ستة أشهر، ودخلت في السابع ولو بيوم. واختلف في راكب البحر وقت الهول بشدة ريح أو غيرها، والأصح أنه لايعتبر كمريض الموت.

والذي يحجر به على مريض الموت: هو تبرعاته فقط فيما زاد عن ثلث تركته، حيث لا دين، فيحجر على المريض في تبرع كهبة وصدقة ووصية ووقف وبيع محاباة، وبيع مشتمل على غبن، فيما يزيد عن ثلث ماله، أي أن حكم تبرعاته كحكم وصيته، تنفذ من الثلث، وتكون موقوفة على إجازة الورثة في الزائد عن الثلث. فإن برئ من مرضه، صح تبرعه. وهذا رأي الحنفية والشافعية والحنابلة. فإن استغرقت الديون جميع تركته حجر عليه جميع تصرفاته دون نظر إلى الثلث رعاية لحقوق الدائنين الغرماء.

وقال المالكية: لاينفذ من الثلث تبرع المريض في الحال أو لا ينجز للمتبرع له إلا إذا كان المال المتبرع منه مأموناً أي لايخشى تغيره وهو العقار كدار وأرض


(١) الدر المختار: ٤٨٠/ ٥ ومابعدها، شرح السراجية: ص٥، الشرح الكبير: ٣٠٦/ ٣ ومابعدها، الشرح الصغير: ٣٩٩/ ٣ - ٤٠٢، مغني المحتاج: ١٦٥/ ٢، القوانين الفقهية: ص ٣٢٢ ومابعدها، المغني: ٤٦٥/ ٤، كشاف القناع: ٤٠٤/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>