للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعينه، ابتاعه منه، فصاحب المتاع أسوة الغرماء، أي أنه لا يكون أحق به من سائر الغرماء، فإن أفلس قبل قبض المتاع، أو بعد القبض بغير إذن بائعه، كان له استرداده، وحبسه بالثمن في حالة ما قبل القبض.

ودليلهم على عدم استحقاق صاحب المتاع عين ماله: أن الإفلاس يوجب في عقد المعاوضة لا في غيره العجز عن تسليم العين، والعقد غير مستحق الفسخ، فلا يثبت حق الفسخ، وإنما المستحق هو الثمن أو الدين الذي هو وصف في الذمة، وبقبض المشتري عين المبيع، تتحقق المبادلة ما بين الدين والعين.

وقال الجمهور غير الحنفية (١): إذا فلس الحاكم رجلاً، فأصاب أحد الغرماء عين ماله (أو

سلعته التي باعها إياه بعينها)، كان له حق فسخ البيع وأخذ سلعته؛ لأنه عجز المشتري عن إيفاء الثمن، فيوجب ذلك حق الفسخ، كعجز البائع عن تسليم المبيع، ولأنه يجوز فسخ العقد لتعذر العوض كالمسلم فيه إذا تعذر، ولأن النبي صلّى الله عليه وسلم قال فيما يرويه أبو هريرة: «من أدرك ماله بعينه عند رجل أفلس، أو إنسان قد أفلس، فهو أحق به من غيره» (٢).

وقال الحنفية: إنه معارض بما روى الخصاف بإسناده: أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «أيما رجل أفلس فوجد رجل عنده متاعه، فهو أسوة غرمائه» وتأويل حديث أبي هريرة: أن المشتري كان قبضه بشرط الخيار للبائع.

والحقيقة أن رأي الجمهور أقوى لصحة حديث أبي هريرة الذي لا يعارضه


(١) بداية المجتهد: ٢٨٣/ ٢ ومابعدها، الشرح الصغير: ٣٧٣/ ٣، الشرح الكبير: ٢٨٢/ ٣، المهذب: ٣٢٢/ ١، مغني المحتاج: ١٥٧/ ٢ ومابعدها، المغني: ٤٠٩/ ٤ ومابعدها، القوانين الفقهية: ص ٣١٩.
(٢) حديث صحيح رواه الجماعة عن أبي هريرة، وله مؤيدات أخرى عن سمرة، وعن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام (نيل الأوطار: ٢٤٢/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>