للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن أبى صاحبه، كان للمحتاج أخذه جبراً، ولو بالقوة، وله أن يقاتله بسلاح؛ لأن الماء في البئر مباح غير مملوك، ولكن يشترط ألا يجد المحتاج ماء آخر قريباً منه.

والدليل لحق المحتاج: أن قوماً سَفْراً وردوا ماء، فطلبوا من أهله السماح لهم بالشرب منه، وبسقي دوابهم التي كادت أن تهلك من العطش، فأبوا، فذكروا ذلك لعمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: «هلا وضعتم فيهم السلاح» (١).

ويلاحظ أن حكم هذين النوعين متشابه تقريباً إلا أن الأول ملك لصاحبه، والثاني غير مملوك، وللمضطر الذي يخاف الضرر على نفسه أن يأخذ الماء الفائض عن الحاجة، ولو بالقوة، لكن في النوع الأول بغير سلاح، وفي الثاني يجوز استخدام السلاح. ويتجلى في هذا النوع صفة حق الارتفاق بنحو أوضح من غيره.

وقال الشافعية في الأصح عندهم (٢): يملك الشخص ماء البئر المحفورة في الأرض الموات للتملك، أو المحفورة في ملك خاص؛ لأنه نماء ملكه، كالثمرة واللبن والشجر النابت في ملكه.

ولا يلزم المالك عند الشافعية بذل مافضل عن حاجته لزرع وشجر، ويجب بذل الفاضل منه عن شربه وشرب ماشيته، وزرعه، لشرب غيره من الآدميين ولماشية غيره، على الصحيح لحرمة الروح، ولخبر الصحيحين: «لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به الكلأ» أي من حيث إن الماشية إنما ترعى بقرب الماء، فإذا منع من الماء فقد منع من الكلأ، والمراد: هو نفع البئر المباحة، أي ليس لأحد أن يَغلِب عليه، ويمنع الناس منه، حتى يحوزه في إناء ويملكه.


(١) الخراج لأبي يوسف: ص ٩٧.
(٢) مغني المحتاج: ٣٧٥/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>