للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض إما معدوم لعدم وجوده عند العقد، أو مجهول لجهالة مقدار ما تخرجه الأرض، وقد لا تخرج شيئاً، وكل من الجهالة وانعدام محل العقد مفسد عقد الإجارة.

وأما معاملة النبي صلّى الله عليه وسلم أهل خيبر ـ كما سيأتي ـ فكان خراج مقاسمة (١) كثلث أو ربع غلة الأرض، بطريق المن والصلح، وهو جائز.

ومع هذا قال كثير من فقهاء الشافعية بمشروعية المزارعة استقلالاً، بدليل معاملة النبي صلّى الله عليه وسلم أهل خيبر، واعتبروا المخابرة في معنى المزارعة.

وقال صاحبا أبي حنيفة (أبو يوسف ومحمد)، ومالك وأحمد وداود الظاهري، وهو رأي جمهور الفقهاء: المزارعة جائزة، بدليل أن النبي صلّى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من ثمر أو زرع (٢). ولأنها عقد شركة بين المال والعمل، فتجوز كالمضاربة، لدفع الحاجة، فصاحب المال قد لا يحسن الزراعة، والعامل يتقنها، فيتحقق بتعاونهما الخير والإنتاج والاستثمار. والعمل والفتوى عند الحنفية على قول الصاحبين، لحاجة الناس إليهم ولتعاملهم. وهذا هو الراجح. وهي تشبه الشركة والإجارة، فهي مشاركة في الناتج بين صاحب الأرض والمزارع بنسبة متفق عليها كالنصف أو الثلث للمزارع. وهي كالإجارة عن طريق المشاركة في استغلال الأرض، والأجرة فيها حصة معينة من المحصول. لكنها تتميز عن الشركة بأن نصيب المالك فيها حصة من نفس المحصول الناتج من الأرض، وليس من صافي الأرباح.


(١) الخراج نوعان: خراج وظيفة: وهو فرض جزء مقطوع معلوم سنوياً على جزء معلوم من مساحة الأرض المفتوحة. وخراج مقاسمة: وهو فرض مقدار نسبة محددة من غلة الأرض كالنصف مثلاً (تبيين الحقائق: ٢٧٨/ ٥).
(٢) رواه الجماعة (أحمد والأئمة الستة) عن ابن عمر، وروي أيضاً عن ابن عباس وجابر بن عبد الله (نيل الأوطار: ٢٧٢/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>