للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخفين (١)، والأدق أن يقال: إن الإمامية لا يجيزون المسح مع الاختيار، ويجيزونه للضرورة عند الخوف والتَّقية، أما الخوارج فلا يجوز عندهم ولو لضرورة.

والواجب في المسح عند الحنفية (٢): هو قدر ثلاث أصابع من أصغر أصابع اليد، على ظاهر مقدم كل رجل، مرة واحدة، اعتباراً لآلة المسح، فلا يصح على باطن القدم، ولاعقبه، ولا جوانبه وساقه. ولا يسن تكراره ولا مسح أسفله لأنه يراعى فيه جميع ما ورد به الشرع.

واستدلوا على رأيهم بأدلة لا تخلو من مناقشة، بل هي واهية، منها:

١ - إنه منسوخ بآية الوضوء في سورة المائدة التي لم يذكر فيها المسح على الخفين، وإنما قال تعالى: {وأرجلَكم إلى الكعبين} [المائدة:٦/ ٥] فعينت الآية مباشرة الرجلين بالماء.

روي عن علي كرم الله وجهه أنه قال: سبق الكتاب الخفين، وقال ابن عباس: ما مسح رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد المائدة. ورد: بأن الوضوء ثابت قبل نزول المائدة بالاتفاق، فإن كان المسح على الخفين ثابتاً قبل نزولها، فورودها بغسل الرجلين، أو مسحهما على رأي الإمامية دون التعرض للمسح، لا يوجب نسخ المسح على الخفين. وإن كان المسح غير ثابت قبل نزولها فلا نسخ قطعاً. ثم إن إسلام جرير راوي الحديث السابق كان بعد نزول المائدة كما بينا، وقد رأى الرسول عليه السلام يمسح على خفيه، ومن شرط النسخ تأخر الناسخ.

والخلاصة: أن آية الوضوء نزلت في غزوة المُرَيسيع، ومسحهصلّى الله عليه وسلم في غزوة تبوك (١)، فكيف ينسخ المتقدم المتأخر؟!

وأما قول علي فيما أخرجه عنه ابن أبي شيبة، فهو منقطع، كذا ما روي عن


(١) نيل الأوطار: ١٧٦/ ١ - ١٧٨، كتاب الخلاف في الفقه للطوسي عند الإمامية: ٦٠/ ١ - ٦١، شامل الأصل والفرع عند الإباضية للشيخ محمد بن يوسف أطَّفَيِّش: ٢١١/ ١، سبل السلام: ٥٧/ ١ وما بعدها.
(٢) غزوة المريسيع أو غزوة بني المصطلق وقعت في شعبان في السنة السادسة من الهجرة، وحدث اللقاء على ماء يقال له (المريسيع) من ناحية قديد إلى الساحل. وغزوة تبوك أو غزوة العسرة حدثت في رجب من التاسعة للهجرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>