٣ - الناتج من الأرض يقسم بين العاقدين بحسب الشرط المتفق عليه، لقوله صلّى الله عليه وسلم:«المسلمون عند شروطهم»(١). فإن لم تخرج الأرض شيئاً، فلا شيء لواحد من العاقدين على الآخر، أما إنه لا شيء للعامل، فلأنه مستأجر ببعض الخارج الناتج، ولم يوجد. هذا بخلاف المزارعة الفاسدة: يجب للعامل أجر المثل إن لم تخرج الأرض شيئاً. والفرق أن الواجب في العقد الصحيح هو المسمى وهو بعض الخارج، فإذا لم يوجد لم يجب شيء. وأما الواجب في المزارعة الفاسدة فهو أجر مثل العمل في الذمة لا في الخارج، فعدم الخارج لا يمنع وجوبه في الذمة.
٤ - عقد المزارعة كما تقدم في صفته غير لازم عند الحنابلة، ويلزم بالبذر عند المالكية، وقال الحنفية: هو عقد غير لازم في جانب صاحب البذر لازم في جانب العاقد الآخر. ولا يجوز له فسخ المزارعة إلا بعذر كما سيأتي. فإذا امتنع صاحب البذر من العمل، لم يجبر عليه. وإن امتنع الذي ليس من قبله البذر، أجبره الحاكم على العمل؛ لأنه لا يلحقه بالعقد ضرر، والعقد لازم بمنزلة الإجارة إلا إذا كان هناك عذر تفسخ به الإجارة، فتفسخ به المزارعة. وسبب التفرقة بين العاقدين: أن صاحب البذر لا يمكنه تنفيذ العقد إلا بإتلاف ملكه وهو البذر، في التراب، فلا يكون الشروع فيه ملزماً في حقه، إذ لا يجبر الإنسان على إتلاف ملكه، أما العاقد الآخر فليس من قبله إتلاف ملكه، فكان الشروع في حقه ملزماً.
٥ - الكراب (الحراثة) والسقي: إن تم الإتفاق عليه أو الاشتراط يجب الوفاء به على من شرط عليه. وإن لم يتفق عليه يجبر عليه العاقد بحسب الزراعة المعتادة. فإن كانت الأرض تسقى بماء السماء لا يجبر أحد على السقي، وإلا فعلى
(١) رواه الحاكم عن أنس وعائشة، وهو حديث صحيح. ورواه أبو داود والحاكم عن أبي هريرة بلفظ: «المسلمون على شروطهم» وأخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث عمرو بن عوف باللفظ الأخير (نصب الراية: ١١٢/ ٤، الجامع الصغير).