للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يده اليسرى على خفه الأيسر، ثم مسح أعلاهما مسحة واحدة، حتى كأني أنظر إلى أثر أصابعه على الخفين».

والخلاصة: أن الواجب هو مسح جميع ظاهر الخف عند المالكية، كسائر أعضاء الوضوء، وبمقدار ثلاث أصابع من اليد عند الحنفية كمسح الرأس في الوضوء، ومسح أكثر أعلى الخف عند الحنابلة لحديث المغيرة: «رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر الخفين» (١)

والواجب عند الشافعية: أقل ما يطلق عليه اسم المسح؛ لأن ما ورد في الشرع مطلقاً يتحقق بأي حالة من حالاته، والراجح تحقيق مدلول المسح على الخف، كالراجح في المسح بالرأس في الوضوء.

وسبب الاختلاف في مسح باطن الخف تعارض أثرين (٢):

أحدهما ـ حديث المغيرة بن شعبة، وفيه أنه صلّى الله عليه وسلم مسح أعلى الخف وأسفله (٣)، وبه أخذ المالكية والشافعية.

والثاني ـ حديث علي السابق: «لو كان الدين يؤخذ بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه» وبه أخذ الحنفية والحنابلة.

والفريق الأول: جمع بين الحديثين، فحمل حديث المغيرة على الاستحباب، وحديث علي على الوجوب.

والفريق الثاني: ذهب مذهب الترجيح، فرجح حديث علي على حديث المغيرة، لأنه أرجح سنداً، ولأن المسح على الخف شرع مخالفاً للقياس، فيقتصر فيه على النحو الذي ورد به الشرع.


(١) رواه أحمد وأبو داود.
(٢) بداية المجتهد: ١٨/ ١.
(٣) رواه الخمسة إلا النسائي، وأخرجه الدارقطني والبيهقي وابن الجارود، لكنه معلول ضعيف (نيل الأوطار: ١٨٥/ ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>