للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالكها عنها، ولزم الغاصب قيمتها، لصيرورتها شيئاً آخر، وفي القلع ضرر ظاهر لصاحب البناء (الغاصب) من غير فائدة تعود للمالك، وضرر المالك ينجبر بالضمان، ولا ضرر في الإسلام. أما إذا كانت قيمة الساجة أكثر من البناء، فلم يزل ملك مالكها، لأنه يرتكب أخف الضررين وأهون الشرين، كما هو القاعدة.

وعقب القاضي زاده في تكملة الفتح على هذه التفرقة، فقال: لا فرق في المعنى بين أن تكون قيمة البناء أكثر من قيمة الساجة وبين العكس؛ لأن ضرر المالك مجبور بالقيمة، وضرر الغاصب ضرر محض، ولا ريب أن الضرر المجبور دون الضرر المحض، فلا يرتكب الضرر الأعلى عند إمكان العمل بالضرر الأدنى. وهذه مسألة الساجة يعمل فيها بقاعدة «الضرر الأشد يزال بالأخف» (١).

وأما مسألة الساحة فهي: لو غصب غاصب أرضاً، فغرس فيها، أو بنى فيها، وكانت قيمة الأرض (الساحة) أكثر، أجبر الغاصب على قلع الغرس، وهدم البناء، ورد الأرض فارغة إلى صاحبها كما كانت؛ لأن الأرض لا تغصب حقيقة عندهم، فيبقى فيهاحق المالك كما كان، والغاصب جعلها مشغولة فيؤمر بتفريغها، إذ ليس لعرق ظالم حق. فإن كانت قيمة البناء أكثر، فللغاصب أن يضمن للمالك قيمة الأرض ويأخذها.

وإذا كانت الأرض تنقص بقلع الغرس منها أو هدم البناء، فللمالك أن


(١) وطبقوا هذه القاعدة أيضاً على فروع كثيرة منها: لو ابتلعت دجاجة لؤلؤة أو أدخل البقر رأسه في قدر، أو أودع فصيلاً (ولد الناقة إذا فصل عن أمه) فكبر في بيت الوديع ولم يمكن إخراجه إلا بهدم الجدار، أو سقط دينار في محبرة ولم يمكن إخراجه إلا بكسرها ونحو ذلك، يضمن صاحب الأكثر قيمة الأقل. ولو ابتلع إنسان لؤلؤة فمات، لا يشق بطنه لأن حرمة الآدمي أعظم من حرمة المال، وتكون قيمتها في تركته، وهو مذهب الحنابلة أيضاً، أي في اللؤلؤة. وجوزه الشافعي قياساً على الشق لإخراج الولد (الدر المختار: ١٣٥/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>