للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيد المالكية وجوب الدفاع بأن يكون بعد الإنذار ندباً كالمحارب إن أمكن: بأن يقول له: ناشدتك الله إلا ما تركتني ونحوه، فإن لم ينكف أو لم يمكن، جاز له دفعه بالقتل وغيره.

ودليل القائلين بإيجاب الدفاع عن النفس قوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة:١٩٥/ ٢] وقوله سبحانه {فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله} [الحجرات:٩/ ٤٩] {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} [البقرة:١٩٤/ ٢] {وجزاء سيئةٍ سيئةٌ مثلها} [الشورى:٤٠/ ٤٢] وبما أن الإنسان يجب عليه صيانة نفسه بأكل ما يجده حال الجوع، فيجب عليه الدفاع عن نفسه.

وقال الحنابلة (١)، ورأيهم هو المتفق مع السنة: إن دفع الصائل على النفس جائز لا واجب، سواء أكان الصائل صغيراً أم كبيراً أم مجنوناً، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم في حال الفتنة: «اجلس في بيتك، فإن خفت أن يَبهرك شعاع الشمس، فغطِّ وجهك» وفي لفظ «تكون فتن، فكن فيها عبد الله المقتول، ولا تكن القاتل» (٢) وقد صح أن عثمان رضي الله عنه منع عبيده أن يدافعوا عنه، وكانوا أربع مئة، وقال: «من ألقى سلاحه فهو حر». قالوا: وهذا مخالف لحال المضطر إلى الطعام: يلزمه الأكل منه؛ لأن في القتل شهادة، وإحياء نفس غيره، وفي الأكل إحياء نفسه من غير مساس بنفس أحد غيره.


(١) المغني: ٣٢٩/ ٨ وما بعدها، كشاف القناع: ١٤٣/ ٤.
(٢) أخرجه ابن أبي خيثمة والدارقطني عن عبد الله بن خباب بن الأرت، وأخرجه أحمد نحوه عن خالد ابن عرفطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>