للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتجب الشفعة في الدار التي هي بدل الصلح، سواء أكان الصلح على الدار عند الحنفية عن إقرار أم إنكار، أم سكوت، لوجود معنى المعاوضة.

وهذا الشرط متفق عليه بين الفقهاء في المشهور عن مالك (١)، فلا شفعة بناء عليه إذا زالت ملكية البائع عن ملكه بلا عوض مطلقاً، كالهبة بغير شرط العوض، والوقف، والوصية والميراث؛ لأن الشفعة حق تملك جبري، يملك به المبيع جبراً عن المشتري بمثل ما ملك (أي بالثمن والتكاليف التي دفعها). وهذه التصرفات تؤدي إلى نقل الملكية بغير عوض أي بالمجان، فلا يتأتى تحقق شرط الشارع في تملك الشفعة وهو البيع بمعاوضة وما في معناه.

لكن الفقهاء اختلفوا في التملك بعوض غير مالي، كالمهر، وبدل الخلع، أو أجر طبيب أو محام مثلاً، أو أجرة دار، أو عوض في الصلح عن دم عمد.

فقال الحنفية والحنابلة (٢): يشترط أن يكون عقد المعاوضة مال بمال، فلا شفعة إذا كان العوض غيرمال، كما في هذه الأحوال، لأن الشيء في المعاوضة غير المالية يشبه الموهوب والموروث، ولأن هذه الأعواض لا مثل لها، حتى يأخذ الشفيع الشيء بمثلها، فلا يمكن مراعاة شرط الشرع فيه، وهو التملك بما تملك به المشتري، فلم يكن مشروعاً. وأوضح الحنابلة أنه لا تجب الشفعة بفسخ يرجع به المبيع إلى البائع، كرده بعيب أو إقالة. وقال الحنفية: إذا اقتسم الشركاء العقار المشترك بينهم فلا شفعة لجارهم بالقسمة، لأنها ليست بمعاوضة مطلقاً، ولأن


(١) البدائع: ١١/ ٥، تبيين الحقائق: ٢٣٩/ ٥، ٢٥٢، الهداية مع التكملة: ٤٣٦/ ٧ - ٤٣٨، الدر المختار: ١٥٧/ ٥، ١٦٥، الكتاب مع اللباب: ١١٠/ ٢، بداية المجتهد: ٢٥٥/ ٢ وما بعدها، القوانين الفقهية: ص ٢٨٧، الشرح الصغير: ٦٣٣/ ٣ وما بعدها، مغني المحتاج: ٢٩٨/ ٢، المهذب: ٣٧٦/ ١ وما بعدها، المغني: ٢٩١/ ٥، كشاف القناع: ١٥٢/ ٤.
(٢) تبيين الحقائق: ٢٢٩/ ٥، ٢٥٢ - ٢٥٣، المغني: ٢٩٢/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>