للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو سكت مدة طويلة من غير عذر، سقط حقه في طلب الشفعة؛ لأن الشفيع بالخيار بين الأخذ والترك؛ لأن الشفعة حق ثبت له لدفع الضرر عنه، فيخير بين أخذه وتركه.

وقدر المالكية مدة السكوت فقالوا: ألا يظهر من الشفيع ما يدل على إسقاط الشفعة من قول أو فعل أو سكوت مدة سنة كاملة بعد العقد فأكثر بلا مانع، مع علمه وحضوره.

لكن يشترط لسقوط هذا الحق: ألا يكون هناك تدليس أو خديعة للشفيع لإسقاط الشفعة، من

طريق المشتري، أو الثمن، أو قدر المبيع نفسه (١).

فإذا أخبر أن المشتري فلان، وكان المشتري بالفعل غيره؛ أو أن الثمن كذا، وكان الثمن بالفعل أقل أو من جنس أو نوع أو وصف آخر، أو أن المبيع جزء معين، وكان المبيع بالفعل جزءاً وأكثر أو كل المبيع، فسلم الشفعة أي أعرض عنها، ثم تبين الحقيقة والوافع، بقي حقه، وكان له الشفعة؛ لأنه إنما تركها لغرض بان خلافه ولم يتركه رغبة عنه.

لكن لو كان الأمر على عكس بعض هذه الحالات الثلاث السابقة، كأن أخبر بأن الثمن ألف، فبان أكثر من ألف، أو أن المبيع كله، فبان بعضه، أو أن الثمن مؤجل، فبان حالاً نقداً، سقط حقه في الشفعة، لأنه إذا لم يرغب فيه بالأقل، أو بالمؤجل، فبالأكثر، أو المعجل أولى. ومن رغب عن شراء الكل، رغب عن شراء البعض بالأولى، خوف ضرر الشركة. والحالة الأخيرة هي الرواية المشهورة (ظاهر


(١) البدائع: ١٥/ ٥، ١٩ - ٢٠، المبسوط: ١٠٥/ ١٤، ١١١، الدر المختار ورد المحتار: ١٧٣/ ٥، اللباب: ١١٨/ ٢، الشرح الصغير: ٦٤٣/ ٣ وما بعدها، نهاية المحتاج: ١٥٩/ ٤، المهذب: ٣٧٩/ ١، مغني المحتاج: ٣٠٨/ ٢، المغني: ٣٠٢/ ٥، القوانين الفقهية: ص ٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>