للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الفراغ مما هو فيه. والضابط فيه: أن ما عد توانياً في طلب الشفعة أسقطها، وإلا فلا.

وإن كان مريضاً أو غائباً عن بلد المشتري، أو خائفاً من عدو، فليوكل إن قدر، وإلا بأن عجز عن التوكيل، فليشهد على طلب الشفعة رجلين عدلين أو عدلاً وامرأتين. فإن ترك الشفيع المقدور عليه من التوكيل والإشهاد، بطل حقه في الأظهر.

والحنابلة كالشافعية قالوا (١): يشترط المطالبة بالشفعة على الفور بمجرد العلم بالبيع، بأن يشهد الشفيع على طلب الشفعة، حين يعلم بالبيع، إن لم يكن له عذر يمنعه من الطلب. ثم إذا أشهد على الطلب له أن يخاصم المشتري، ولو بعد أيام أو أشهر أو سنين.

وبه يتبين أن الجمهور يقولون: إن الشفعة على الفور، للحديث النبوي: «الشفعة كحل العقال» (٢)، ولأن ثبوتها على التراخي ربما أضر بالمشتري لعدم استقرار ملكه.

وأما المالكية: فلم يشترطوا الفورية، فلو سكت الشفيع بلا مانع سنة كاملة بعد العقد، فما دونها، أو غاب وعاد في أثناء السنة، ثم طلب الشفعة، أخذها؛ لأن السكوت لا يبطل حق امرئ مسلم ما لم يظهر من قرائن الأحوال ما يدل على إسقاطه. لكن يحق للمشتري المطالبة عند الحاكم للشفيع بعد الشراء بأن يحدد موقفه، إما بالأخذ بالشفعة أو الترك، فإن أجاب بواحد منهما فظاهر، وإلا أسقط الحاكم شفعته.


(١) كشاف القناع: ١٥٦/ ٤، المغني: ٢٩٩/ ٥، ٣٠٦ وما بعدها.
(٢) ويروى «كنشطة العقال» رواه ابن ماجه، والبزار وابن عدي من حديث ابن عمر، وهو ضعيف (نصب الراية: ١٧٦/ ٤ وما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>