سواء تمثّل هذا المال في سلعة اقتصادية أو في سلعة حرة، وتملك الإنسان للمال يعتبر تملكاً مجازياً، أي إنه مؤتمن على المال ومستخلف فيه ونائب أو خليفة عن الله فيه لقوله تعالى:{وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه}[الحديد:٧/ ٥٧]{هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها}[هود:٦١/ ١١]{وهو الذي جعلكم خلائف الأرض، ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم}[الأنعام:١٦٥/ ٦]{هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً}[البقرة:٢٩/ ٢].
ويترتب على هذا التصور للمال واستخلاف الإنسان فيه، أو وكالته عليه أنه يجب التقيد بأوامر الله تعالى، في التملك حسبما يريد صاحب الملك الحقيقي. والناس على السواء لهم حق في تملك خيرات الأرض، والمال ليس غاية مقصودة لذاتها، وإنما هو وسيلة للانتفاع بالمنافع وتأمين الحاجات، وإذا كانت الخلافة عن الله في المال للجماعة، فإن الملكية الخاصة تعتبر أسلوباً من أساليب قيام الجماعة بمهمتها في الخلافة، وإن لها صفة اجتماعية، لا صفة حق مطلق وسيطرة واستبداد. وللجماعة حق مراقبة ذوي الملكيات الخاصة لاستخدامها في سبيل الصالح العام، فيعتبر صاحب المال حينئذ مسؤولاً أمام الله عن ماله، ومسؤولاً أمام الجماعة أيضاً.
وليس المال مقياساً للاحترام والتعظيم، ولا لاحتكار النفوذ، فمن قواعد فقهنا:«من عظم غنياً لماله وغناه فقد كفر».
بهذه النظرة الإسلامية إلى المال بأنه وسيلة لا غاية مقصودة لذاتها، ولا للتجميع والتكديس، يدق الإسلام أول معول في هدم الرأسمالية الظالمة.
وأما حق الملكية في الإسلام فهو نزعة فطرية وحق شخصي أقرته الشريعة وصانته الديانات السماوية، لقوله تعالى: {زُيِّن للناس حب الشهوات من النساء