وتحريم الاستغلال شامل استغلال رب العمل فقر العامل فيظلمه، واستغلال التاجر حاجة المستهلك، فيغلي قيمة السلعة، أو جهل المنتج أو المصدر، فيشتري بضاعته بثمن بخس (تلقي الركبان)، أو سذاجة البدوي فيبيعه السلعة بأزيد من ثمنها (بيع الحاضر للبادي) واستغلال النفوذ بسبب الولاية أو القرابة أو الحسب والنسب.
والاحتكار محرم لأنه يمنع تداول الثروة، ويؤدي إلى السيطرة والاستغلال، وقد يعطل الاستثمار، كمافي حال احتجار الأرض بغير استثمار مما يوجب سلبها من محتجرها بعد ثلاث سنين، كما تقدم.
وتكدس الثروات المكروه في الإسلام، وإن لم يصل إلى درجة التحريم، فهو ممقوت لا يتفق مع الهدف الأمثل للشريعة، وللدولة أن تتخذ السياسة التي تمنعه، لما يؤدي إليه من ترف وفساد وسيطرة، كما فعل النبي صلّى الله عليه وسلم من إقرار التوازن الاقتصادي بين المهاجرين والأنصار، وسار على نهجه الخلفاء الراشدون، فترك سيدنا عمر الأراضي المفتوحة في العراق والشام ومصر بيد أهلها، ولم يقسمها بين الفاتحين، حتى لا تنحصر الثروة بأيديهم، ولا يبقى شيء لمن يأتي بعدهم، واستدل على صحة فعله الذي وافقه عليه الصحابة بقوله تعالى:{ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كيلا يكون دُولة بين الأغنياء منكم} الآيات [الحشر:٧/ ٥٩ - ١٠].
وكان النبي حريصاً على عدم اتساع الملكيات الزراعية، فنهى عن كراء الأرض، كما سيتضح في بحثه المخصص له. ويعتبر نظام الإرث في الشريعة من أكبر العوامل على تفتيت الثروة ومنع تركيزها في أيدي فئة قليلة.
وقد أوردت أهم القيود التي تقيد حق الملكية الفردية، والتي تجعلها ذات