للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلامي، فرع من تلك الدوحة العظيمة والثروة الكبرى لفقهنا الذي له من المكانة العالية عند كل رجال التشريع والفقه والقضاء في العالم.

ومع الأسف الشديد وصف بعض الجاهلين هذا الفقه الخصب بأنه «مجرد ركام» تأثراً منهم بحب الغرب، وشعوراً منهم بالنقص، وعدم الثقة بالنفس، وجهلاً فاضحاً بما تتطلبه الحياة من فرضيات واحتمالات كثيرة موجودة في ظل تطبيق القوانين الحالية، ويحلو لهم بعدها التطفل على موائد الغرب، وترديد ما قال (المسيو فلان والمستر فلان) متجاهلين أو تاركين عمداً ما قاله شيوخ الإسلام العظام، الذين ما زالت أفكارهم ونظرياتهم وجهودهم مرقى العظماء، ومطمح العلماء، ومأوى الفلاسفة والمفكرين.

فإلى فقه الإسلام يا جيلنا، وإلى ثروته الخصبة، وإلى ينابيعه العذبة لتغترف منها ما تراه مناسباً لعصرك، فالله يسَّر لك الطريق باختيار السمح السهل من الأحكام، وزودك باليقين الصادق والعقل الناضج والحس المرهف لأخذ الصالح، وكشف الحق في مهاده، وقمع الباطل في وهاده. وحينئذ تعلم أن رفع راية الإسلام تتطلب تهيئة أرضية صلبة لها، من الواقع العملي المتمثل بالفقه الإسلامي، والفكر الإسلامي، والدعوة الإسلامية البناءة؛ لأن الدعوة ليست مجرد عاطفة تؤجج، أو هيكل فارغ المضمون والمحتوى والمنهج. وإعداد هذه الأرضية إنما هو من أجل ضمان بقاء هذه الدعوة، حتى لا تهتز أمام تحرك العواصف الهوجاء، أو تدابير الأعداء.

ففي فقه الإسلام بكل مذاهبه إذن دليل على صلاحية الإسلام للتطبيق في كل عصر، وطريق لتحقيق تماسك الشخصية الإسلامية، فهو عامل بناء وتجميع وتوحيد لا تفريق وتمزيق كما يرى السطحيون، وأما اختلاف الفقهاء فليس إلا في

<<  <  ج: ص:  >  >>