للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرها، والرشوة، والحكم بغير ما أنزل الله تهاوناً، والاعتداء على الرعية، والدعاء بدعوة الجاهلية وعصبيتها ونحو ذلك (١).

ويمكن وضع ضابط عام للتعزير بمثابة تقنين أو تعريف عام: وهو كل ما فيه اعتداء على النفس أو المال أو العرض أو العقل أو الدين مما لا حدّ فيه، وذلك يشمل كل الجرائم التي هي ترك واجب ديني أو دنيوي، أو فعل محرم محظور شرعاً للمصلحة العامة أو الخاصة بالشخص.

وذكر فقهاء الحنفية ضابطاً مختصراً لجرائم التعزير وهو: يعزر كل مرتكب منكر ـ خطيئة لا حد فيها ـ أو معصية ليس فيها حد مقدر أو مؤذي مسلم أو غير مسلم بغير حق، بقول أو فعل أو إشارة بالعين أو باليد (٢). أو بعبارة أخرى: إن ضابط موجب التعزير: هو كل من ارتكب منكراً أو آذى غيره بغير حق بقول أو فعل أو إشارة، سواء أكان المعتدى عليه مسلماً أم كافراً (٣).

وهذا الضابط، وإن كان فيه عموم وإجمال، خلافاً لما تتطلبه قوانين العصر من النص صراحة على كل جريمة بعينها وعقوبتها، إلا أنه بمثابة القاعدة الفقهية الكلية المفيدة في التفقيه ووضع الإطار العام للجرائم غير الحدية، ويمكن بسهولة إفراد كل جريمة بالبيان، لأن مرجع القاضي في التجريم ـ كما تقدم ـ إنما هو الشرع، وليس هو العقل والهوى الشخصي، الذي ليس له أثر في شرع الله بإنشاء الأحكام، وما على القاضي إلا أن يتقيد في كل تجريم بأوامر الشرع ونواهيه في القرآن والسنة، ويهتدى بما أجلاه الفقهاء تماماً في هذا الشأن، فما قبّحه الشرع أو منعه فهو قبيح ممنوع، وما حسّنه الشرع أو طلبه، فهو حسن مطلوب أو مباح، كما


(١) البحر الرائق: ٢٤٠/ ٨، تكملة المجموع: ٣٦١/ ١٨.
(٢) رد المحتار على الدر المختار: ١٩٥/ ٣ وما بعدها.
(٣) البدائع: ٦٣/ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>