للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف العلماء في النفي، فهل يجمع بين الجلد والتغريب على الزاني البكر (١).

قال الحنفية: لا يضم التغريب أي النفي إلى الجلد؛ لأن الله تعالى جعل الجلد جميع حد الزنا، فلو أوجبنا معه التغريب. كان الجلد بعض الحد، فيكون زيادة على النص، والزيادة عليه نسخ، ولا يجوز نسخ النص بخبر الواحد، ولأن التغريب تعريض للمغرّب على الزنا، لعدم استحيائه من معارفه وعشيرته.

فالنفي عندهم ليس بحد، وإنما هو موكول إلى رأي الإمام، إن رأى مصلحة في النفي فعل، كما أن له حبسه حتى يتوب.

وقال الشافعية والحنابلة: يجمع بين الجلد والنفي أو التغريب عاماً، لمسافة تقصر فيها الصلاة، لقوله عليه الصلاة والسلام: «خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً: البكر بالبكر جلد مئة، وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مئة والرجم» (٢) إلا أن الشق الثاني من هذا الحديث غير معمول به عند هؤلاء وغيرهم، بل الواجب على المحصن الرجم فقط للأحاديث الآتية الواردة في الرجم، ولكن لا تغرب المرأة وحدها بل مع زوج أو محرم لخبر: «لا تسافر المرأة إلا ومعها زوج أو محرم» (٣).


(١) راجع المبسوط للسرخسي: ٤٤/ ٩، البدائع: ٣٩/ ٧، فتح القدير: ١٣٤/ ٤، ١٣٦، مختصر الطحاوي ص ٢٦٢، مغني المحتاج: ١٤٧/ ٤، المهذب: ٢٦٧/ ٢، ٢٧١، حاشية الدسوقي: ٣١٣/ ٤، ٣٢٢، بداية المجتهد: ٤٢٧/ ٢، المنتقى على الموطأ: ١٣٧/ ٧، القوانين الفقهية: ص٣٥٤، الشرح الصغير: ٤٤٧/ ٤، المغني لابن قدامة: ١٦٦/ ٨، كشاف القناع: ٩٠/ ٦.
(٢) رواه أحمد والموطأ وأصحاب الكتب الستة إلا البخاري والنسائي عن عبادة بن الصامت (راجع جامع الأصول: ٢٦٤/ ٤، مجمع الزوائد: ٢٦٤/ ٦، نصب الراية: ٣٣٠/ ٣، نيل الأوطار: ٨٧/ ٧، سبل السلام: ٤٥/ ٤، التلخيص الحبير: ص ٣٥٠).
(٣) أخرجه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: «لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم منها» وفي لفظ مسلم: «ثلاثاً» وفي لفظ «فوق ثلاث» وفي لفظ له «ثلاثة أيام فصاعداً» وأخرجه الدارقطني عن أبي أمامة الباهلي موفوعاً: «لا تسافر امرأة سفر ثلاثة أيام، أو تحج إلا ومعها زوجها» ورواه البخاري ومسلم بألفاظ أخرى عن ابن عمر وأبي هريرة (راجع نصب الراية: ١١/ ٣، سبل السلام: ١٨٣/ ٢، الجامع الصغير: ٢٠٠/ ٢، التلخيص الحبير: ص ٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>