هذا بخلاف ما لو قال:(لست لأبيك) فهو قاذف لأمه؛ لأن ذلك ليس بنفي لولادة الأم، بل هو نفي النسب عن الأب، ونفي النسب عن الأب يكون قذفاً للأم. ولو قال:(أنت ابن فلان) لعمه أو لخاله، أو لزوج أمه، في غير حال الغضب، لا يكون قذفاً عند الحنفية؛ لأن العم يسمى أباً، وكذلك الخال، وزوج الأم، قال الله سبحانه:{قالوا: نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل}[البقرة:١٣٣/ ٢] وإسماعيل كان عم يعقوب عليه السلام، وقد سماه أباً.
وقال جل وعلا عن يوسف عليه السلام:{ورفع أبويه على العرش}[يوسف:١٠٠/ ١٢] قيل: إنهما أبوه وخالته، وإذا كانت الخالة أماً كان الخال أباً، وقال الله تعالى:{إن ابني من أهلي}[هود:٤٥/ ١١] قيل في التفسير: إنه كان ابن امرأته من غيره.
فإن كان ذلك في حال الغضب على سبيل الشتم يكون قذفاً.
ولو قال:(لست بابن فلان) لجده، لم يكن قاذفاً؛ لأنه صادق في كلامه حقيقة؛ لأن الجد لا يسمى أباً حقيقة بل مجازاً.
ولو قال لرجل:(يا زانية) لا يجب الحد عند أبي حنيفة وأبي يوسف، خلافاً لمحمد والشافعي. دليل محمد والشافعي: أن الهاء قد تدخل صلة زائدة في الكلام مثل: {ما أغنى عني ماليهْ، هلك عني سلطانيهْ}[الحاقة:٢٨/ ٦٩ - ٢٩] ومعناه مالي وسلطاني، والهاء زائدة، فيحذف الزائد فيبقى قوله:(يا زاني) وقد تدخل الهاء في الكلام للمبالغة في الصفة مثل: علاَّمة ونسابة ونحوهما، فلا يختل به معنى القذف، كما لو قال لامرأة:«يا زاني» يجب الحد بالاتفاق.