للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتجوز الإنابة في هذه الخصومة وهو التوكيل بالإثبات بالبينة عند أبي حنيفة ومحمد. وعند أبي يوسف: لا تجوز، إذ لا تصح وكالة في حد ولاقصاص عنده. دليله: أنه كما لا يجوز التوكيل في استيفاء حد القذف، فلا يجوز ذلك في إثباته؛ لأن الإثبات وسيلة إلى الاستيفاء.

ودليل الطرفين: أنه يفرق بين الإثبات والاستيفاء، وهو أن امتناع التوكيل في الاستيفاء بسبب الشبهة، وهي منعدمة في التوكيل بالإثبات (١).

وأما إذا كان المقذوف ميتاً: فإن حق الخصومة للوالد وإن علا، وللولد وإن سفل؛ لأن معنى القذف وهو إلحاق العار عائد إلى الأصل والفرع، لوجود الجزئية بالنسبة للفرع والبعضية بالنسبة للأصل، وقذف الإنسان يكون قذفاً لأجزائه، فكان القذف لاحقاً بهم من حيث المعنى، أما الميت فلا يرجع إليه معنى القذف؛ لأنه ليس بمحل لإلحاق العار به (٢). فإذا كان المقذوف حياً ثم مات، فليس لأحد من هؤلاء حق الخصومة؛ لأنه حد لا يورث كما عرفنا.

ولا حق في الخصومةأصلاً للإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات؛ لأنه وإن كان يؤلمهم نسبة الزنا إلى قريبهم، ولكنهم لا يلحقهم القذف لا صورة ولا معنى، لعدم انتسابهم إلى المقذوف لا بجزئية ولا بأصل.

وأما أولاد البنات فمختلف فيهم: فعند محمد: لا يملكون الخصومة؛ لأن ولد البنت ينسب إلى أبيه، لا إلى جده، فلم يكن مقذوفاً معنى بقذف جده.

وعند أبي حنيفة وأبي يوسف: يملكون الخصومة؛ لأن النسبة الحقيقية بين المقذوف وأولاد بناته ثابتة بوساطة أمهاتهم، فصاروا مقذوفين معنى (٣).


(١) البدائع: ٢١/ ٦، فتح القدير: ١٩٧/ ٤، المبسوط: ١١٣/ ٩.
(٢) البدائع: المرجع السابق: ٥٥/ ٧، حاشية ابن عابدين: ١٨٧/ ٤، فتح القدير: ١٩٥/ ٤.
(٣) البدائع، المرجع السابق نفسه، المبسوط: ١١٢/ ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>