للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يسرق نصاباً، فلم تستوجب جنايته عقوبة كاملة، كما لو انفرد بسرقة مادون النصاب، والرسول صلّى الله عليه وسلم يقول: «لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعداً» وهذا دليل الشافعي. ولكن هذا الحكم يخالف حكم جريمة الاشتراك في القتل؛ لأنه لو لم يجب القصاص على كل واحد منهم، لكان الاشتراك طريقاً إلى إسقاط القصاص، بخلاف الأمر في السرقة، فإنه إذا لم يجب القطع على الشركاء في سرقة نصاب، لم يصر الاشتراك طريقاً إلى إسقاط القطع، لقلة ما يصيب كل واحد منهم، فإذا سرقوا أكثر من نصاب بحيث يصيب كل واحد منهم مقدار نصاب، فإنه يجب القطع. ويقدر المسروق في الحكم عند الحنفية يوم الحكم بالقطع.

وقال المالكية: إن اشترك السارقان أو أكثر في سرقة نصاب: فإن كان لكل واحد قدرة على حمله بانفراده، فلا يقطع أحد، وإلا بأن كانوا يحتاجون في إخراجه إلى تعاون بعضهم، فيقطعون جميعاً، ويصيرون كأنهم حملوه على دابة، فإنهم يقطعون إذا تعاونوا على رفعه عليها، ويقدر المسروق عندهم وعند الشافعية والحنابلة بقيمته يوم السرقة (١).

وقال الحنابلة: إذا اشترك الجماعة في سرقة، قيمتها ثلاثة دراهم قطعوا، لضرورة حفظ المال، فإن الواحد والجماعة يستوون في هتك الحرز، وسرقة النصاب فعل يوجب القطع، فاستوى فيه الواحد والجماعة كالقصاص.

قال ابن قدامة في المغني: وقول أبي حنيفة والشافعي أحب إلي؛ لأن القطع ههنا لا نص فيه، ولا هو في معنى المنصوص والمجمع عليه فلا يجب، والاحتياط بإسقاطه أولى من الاحتياط بإيجابه؛ لأنه مما يدرأ بالشبهات (٢).


(١) حاشية الدسوقي: ٣٣٥/ ٣، بداية المجتهد: ٤٣٩/ ٢، المنتقى على الموطأ: ١٧٨/ ٧، القوانين الفقهية: ص ٣٥٩.
(٢) المغني: ٢٨٢/ ٨، غاية المنتهى: ٣٣٧/ ٣ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>