في الآية الكريمة السابق ذكرها؛ لأن الجزاء يجب أن يكون على قدر الجناية، ولكنهم اختلفوا في كيفية الترتيب:
فقال الحنفية: إن أخذوا المال، تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف؛ وإن قتَلوا فقط قُتلوا؛ وإن قتلوا وأخذوا المال كان الإمام بالخيار: إن شاء قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، ثم قتلهم، أو صلبهم، وإن شاء لم يقطع، وإنما يقتل أو يصلب.
وإن أخافوا الطريق فقط دون قتل، ولا أخذ للمال، ينفوا من الأرض، أي يحبسوا ويعزروا (١).
وما ذكر في الصورة الثالثة وهو (القتل وأخذ المال) هو رأي أبي حنيفة وزفر.
وقال الصاحبان: يقتل الإمام القاطع أو يصلبه، ولكن لا يقطعه؛ لأن الجناية وهي قطع الطريق واحدة، فلا توجب حدين، ولأن ما دون النفس في الحدود يدخل في النفس كحد السرقة والرجم إذا اجتمعا كما سأبين، فيقام حد الرجم فقط.
ورد أبو حنيفة وزفر على ذلك بأن هذه الجناية وإن كانت واحدة، فإن القطع والقتل أيضاً عقوبة واحدة، ولكنها مغلظة لتغلظ سببها، حيث إن قطع الطريق يخل بالأمن على النفس والمال معاً.
وقال الشافعية والحنابلة: إن أخذوا المال فقط قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإن قتلوا ولم يأخذوا المال، قتلوا ولم يصلبوا.
(١) المبسوط: ١٩٥/ ٩، البدائع: ٩٣/ ٧، فتح القدير: ٢٧٠/ ٤، تبيين الحقائق: ٢٣٥/ ٣، مختصر الطحاوي: ص ٢٧٦، حاشية ابن عابدين: ٢٣٣/ ٣ وما بعدها.