على المسلمين. ولم يجز أبو حنيفة والشافعي هذا القتل. وجوز طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهما قتل الداعية إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة.
واتفق الفقهاء على أنه يقتل الجاسوس الحربي الكافر، وأما المعاهد والذمي فقال مالك والأوزاعي: ينتقض عهده بذلك، وعند الشافعية خلاف، وقد ورد في السنة ما يدل على جواز قتل الجاسوس إذا كان مستأمناً أو ذمياً، قال سلمة بن الأكوع:«أتى النبي صلّى الله عليه وسلم
عَيْن، وهو في سفر، فجلس عند بعض أصحابه يتحدث، ثم انسل، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: اطلبوه فاقتلواه، فسبقتهم إليه، فقتلته، فنفلني سلبه» (١).
ومن لم يندفع فساده في الأرض إلا بالقتل قُتل، مثل المفرق لجماعة المسلمين، والداعي إلى البدع في الدين، قال تعالى:{من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض، فكأنما قتل الناس جميعاً}[المائدة:٣٢/ ٥] وفي الصحيح عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما»، وروى مسلم في صحيحه عن عرفجة الأشجعي رضي الله عنه:«من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه». وأمر النبي صلّى الله عليه وسلم بقتل رجل تعمد عليه الكذب، وسأله ديلم الحميري ـ فيما يرويه أحمد في المسند ـ عمن لم ينته عن شرب الخمر في المرة الرابعة، فقال:«فإن لم يتركوه فاقتلوهم».
والخلاصة: أنه يجوز القتل سياسة لمعتادي الإجرام ومدمني الخمر ودعاة الفساد ومجرمي أمن الدولة، ونحوهم.
(١) رواه أحمد والبخاري وأبو داود عن سلمة (نيل الأوطار: ٧/ ٧).