للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي القرآن الكريم آيات كثيرة في شأن تحريم القتل، منها قوله تعالى: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ومن قتل مظلوماً، فقد جعلنا لوليه سلطاناً، فلا يسرف في القتل، إنه كان منصوراً} [الاسراء:١٧/ ٣٣]. ودلت جريمة ابن آدم (قابيل) على أن القتل اعتداء على الإنسانية، فقال سبحانه: {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس، أوفساد في الأرض، فكأنما قتل الناس جميعاً} [المائدة:٥/ ٣٢].

ودليل القصاص قوله جل ثناؤه: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى: الحر بالحر، والعبد بالعبد، والأنثى بالأنثى (١)، فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف، وأداء إليه بإحسان، ذلك تخفيف من ربكم ورحمة، فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم. ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب، لعلكم تتقون} [البقرة:٢/ ١٧٨]. وكان القصاص أيضاً مقرراً في الشرائع السماوية السابقة كشريعة اليهود. بدليل قوله تعالى: {وكتبنا عليهم فيها (٢) أن النفس بالنفس، والعين بالعين، والأنف بالأنف، والأذن بالأذن، والسن بالسن، والجروح قصاص، فمن تصدق به فهو كفارة له، ومن لم يحكم بما أنزل الله، فأولئك هم الظالمون}

[المائدة:٥/ ٤٥].ونص القرآن العظيم على العذاب الأخروي للقاتل عمداً في قوله تعالى:


(١) أوجبت الآية مبدأ المماثلة في القصاص إذا أريد قتل القاتل، ومنع العدوان والظلم، فلا يقتل غير القاتل، منعاً من عادة الأخذ بالثأر التي كانت في الجاهلية. ويرى الحنفية: أن قوله {الحر بالحر .. إلخ} [البقرة:١٧٨/ ٢] تأكيد لصدر الآية، فلا يقتل غير القاتل، وإنما يقتل القاتل دون غيره. وبناء عليه فليس في الآية دلالة على أنه لا يقتل الحر القاتل بقتله العبد. أو لا يقتل الرجل بالمرأة وبالعكس. وقال المالكية والشافعية: إن الله أوجب المساواة. ثم بين المساواة المعتبرة، فالحر يساويه الحر، والعبد يساويه العبد، والأنثى تساويها الأنثى، لكن دل الإجماع على أن الرجل يقتل المرأة.
(٢) أي في التوراة.

<<  <  ج: ص:  >  >>