للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حفر بئراً فرداه فيها آخر، أو ألقاه من شاهق، فتلقاه آخر فقدَّه (قطعه نصفين مثلاً قبل وصوله الأرض) فالقصاص على القاتل والمردي والقادّ فقط (١).

وبناء عليه لو أمسك رجل شخصاً ليقتله آخر، يضمن القاتل فقط عند الحنفية (٢)، فيقتص منه إن قتله بسلاح؛ لأنه باشر القتل،، ويجب التعزير على الممسك من غير حبس.

وقال الشافعية، والراجح عند أحمد (٣): يقتل القاتل، ويعزر الممسك عند الشافعية بحسب ما يرى الحاكم من المدة. وقال الحنابلة: يحبس الممسك حتى يموت، لقوله عليه السلام: «إذا أمسك الرجلُ الرجلَ، حتى جاء آخر، فقتله، قتل القاتل وحبس الممسك» (٤) وقوله أيضاً: «إن من أعتى الناس على الله عز وجل: من قتل غير قاتله، أو طلب بدم الجاهلية في الإسلام، أو بصَّر عينيه في النوم ما لم تبصره» (٥).


(١) وهذا هو المعروف من الأفعال المؤثرة في زهوق الروح بالشرط، لأن الذي له دخل من الأفعال بالزهوق إما مباشرة: وهي ما يؤثر في الهلاك ويحصله بالذبح بسكين، وإما شرط: وهو مالا يؤثر في الهلاك ولا يحصله، بل يحصل التلف عنده بغيره، ويتوقف تأثير ذلك الغير عليه، كالحفر مع التردي، فإنه لا يؤثر في التلف ولا يحصله، وإنما التردي هو المحصل للتلف، لكن لولا الحفر لما حصل التلف، ولذا سمي شرطاً، ومثله الإمساك للقاتل. وإما سبب: وهو ما يؤثر في الهلاك ولا يحصله كشهادة الزور على بريء بالقتل، فإنها علة أو مؤثر في الحكم عليه بالإعدام، ولكنها لا تجلب بذاتها الإعدام، وإنما الذي يجلبه فعل الجلاد (مغني المحتاج: ٦/ ٤).
(٢) الدر المختار ورد المحتار: ٣٨٤/ ٥، البدائع: ٢٧٤/ ٧.
(٣) مغني المحتاج: ٨/ ٤، المهذب: ١٧٦/ ٢، المغني: ٧٥٥/ ٧.
(٤) رواه الدارقطني عن ابن عمر، وهو حديث مرسل، ورواه الشافعي من فعل علي. قال في بلوغ المرام: رجاله ثقات، وصححه ابن القطان.
(٥) رواه أحمد والدارقطني والطبراني والحاكم من حديث أبي شريح الخزاعي. ورواه آخرون عن عائشة، وابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>