للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحنفية (١): لا قود فيه ولا دية، وإنما يعزر ويضرب ويحبس إلى أن يموت. ويروى عن أبي حنيفة أن عليه الدية. وإن فعل ذلك بصبي فعليه الدية.

وإن ربط صبياً وألقاه في الشمس أو البرد حتى مات، فعلى عاقلته الدية.

وقال المالكية (٢): الفعل العدوان في هذه الحالة قتل عمد فيه القود، سواء أكان فعل الحيوان بالإنسان مما يقتل غالباً كالنهش، أم مما لا يقتل غالباً ومات الآدمي من الخوف. ولا يقبل الادعاء بأنه قصد بفعله اللعب. وكذلك قال الحنابلة (٣): الفعل قتل عمد موجب للقصاص إن فعل الحيوان المفترس أو المتوحش بالإنسان ما يقتل به غالباً، أو فعل به فعلاً يقتل مثله. فإن فعل به فعلاً لو فعله الآدمي لم يكن قتلاً عمداً، لم يجب القصاص به؛ لأن السبع صار آلة للآدمي، فكان فعله كفعله.

وعلى هذا، إن ألقاه مكتوفاً بين يدي أسد أو نمر، فقتله، فهو عمد. وكذا إن جمع بينه وبين حية في مكان ضيق، فنهشته، فقتلته، فهو عمد. ولو لسعه عقرب من القواتل، فهو عمد. ورأي المالكية والحنابلة أولى في تقديري.

وقال الشافعية (٤): إن جمع بين شخص وبين السبع في زُبية أو بيت صغير ضيق، أو أغراه به، أو أمسكه وعرضه لمجنون فقتله، وجب عليه القود؛ لأن السبع يقتل إذا اجتمع مع الآدمي في موضع ضيق. أما إن كتّف رجلاً وطرحه في أرض مسبعة أو بين يدي سبع (أي في مكان واسع مثل البرية) فقتله، لم يجب القود؛ لأنه سبب غير ملجئ.


(١) الدر المختار: ٣٨٦/ ٥.
(٢) الشرح الكبير للدردير: ٢٤٤/ ٤.
(٣) المغني: ٦٤١/ ٧ ومابعدها، كشاف القناع: ٥٨٩/ ٥ وما بعدها.
(٤) نهاية المحتاج للرملي: ١٤/ ٧، المهذب: ١٧٦/ ٢، مغني المحتاج: ٩/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>