للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حر بعبد» (١) وقول علي رضي الله عنه: «من السنة ألا يقتل حر بعبد» (٢).ولم يشترط الحنفية (٣) التكافؤ في الحرية والدين، وإنما يكفي التساوي في الإنسانية، لعموم آيات القصاص بدون تفرقة بين نفس ونفس، مثل قوله تعالى: {كتب عليكم القصاص في القتلى} [البقرة:١٧٨/ ٢] وقوله سبحانه {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس} [المائدة:٤٥/ ٥] ولعموم حديث «العمد قَوَد» وصوناً لحق الحياة، وتحقيق ذلك في قتل المسلم بالذمي أبلغ منه في قتل المسلم بالمسلم، لما بينهما من العداوة الدينية، وروي أن النبي صلّى الله عليه وسلم أقاد مؤمناً بكافر، وقال: «أنا أحق من وفى بذمته» (٤)، ولأن العبد آدمي معصوم الدم فأشبه الحر، والقصاص يتطلب فقط المساواة في العصمة.

وأما المراد من قوله تعالى: {الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى} [البقرة:١٧٨/ ٢] بعد قوله تعالى: {كتب عليكم القصاص في القتلى} [البقرة:١٧٨/ ٢] فاختلف فيه الفقهاء، فقال الحنفية: المراد به الرد علي ما كان يفعله بعض القبائل، من أنهم يأبون أن يقتلوا في عبدهم إلا حراً، وفي امرأتهم إلا رجلاً، على ما جاء في حديث الشعبي، فأبطل ما كان من الظلم، وأكد فرض القصاص على القاتل دون غيره، فليس في الآية دلالة على أنه لا يقتل الحر بالعبد أو أنه لا يقتل الرجل بالمرأة. وقال الجمهور: إن الله قد أوجب المساواة في القصاص، ثم بيَّن المساواة المعتبرة، فبين أن الحر يساويه الحر، والعبد يساويه


(١) رواه الدارقطني والبيهقي عن ابن عباس مرفوعاً.
(٢) رواه الإمام أحمد بإسناده عن علي، وأخرجه البيهقي.
(٣) البدائع: ٢٣٧/ ٧، تبيين الحقائق: ١٠٢/ ٦ وما بعدها.
(٤) رواه الدارقطني في سننه عن ابن عمر من طريق عبد الرحمن بن البيلماني، وهو ضعيف. وروي مرسلاً عند محمد بن الحسن، والشافعي وعبد الرزاق وأبي داود من طريق البيلماني.

<<  <  ج: ص:  >  >>