للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - رأي الشافعي في مذهبه الجديد (١): إن الواجب الأصلي في الدية هو مائة من الإبل إن وجدت، وعلى القاتل تسليمها للولي سليمة من العيوب، فإن عدمت حساً بأن لم توجد في موضع يجب تحصيله منه، أو عدمت شرعاً بأن وجدت فيه بأكثر من ثمن مثلها، فالواجب قيمة الإبل، بنقد البلد الغالب (٢)، وقت وجوب تسليمها بالغة ما بلغت؛ لأنها بدل متلف، فيرجع إلى قيمتها عند فقد الأصل. ودليله الحديث السابق وهو ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كانت قيمة الدية على عهد الرسول صلّى الله عليه وسلم ثمان مئة دينار، أو ثمانية آلاف درهم، كان ذلك كذلك، حتى استخلف عمر رضي الله عنه، فقام عمر خطيباً، فقال: «ألا إن الإبل قد غلت، فقال: فقوم على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر ألف درهم، وعلى أهل البقر مئتي بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مئتي حلة» (٣) ويؤكده من المعقول أن ما ضمن بنوع من المال وتعذر، وجبت قيمته، كذوات الأمثال (٤).

وأما مقدار الدية فيتضح من الأحاديث السابقة، ولم يختلف الفقهاء في المقادير إلا في دراهم الفضة (أي الوَرِق).

وسبب الاختلاف فيها: هو سعر صرف الدينار، فعند الحنفية: الدينار يساوي عشرة دراهم بدليل حديث عَبيدة السلماني المتقدم. وعند الجمهور (٥):


(١) مغني المحتاج: ٥٦/ ٤، المهذب: ١٩٥/ ٢ وما بعدها.
(٢) المراد بالبلد: هو المحل الذي يجب التحصيل منه لو كانت موجودة فيه.
(٣) وروي ما يقاربه في المعنى عن الزهري.
(٤) المثليات: هي المكيلات (حنطة أو شعير) والموزونات (قطن أو حديد) والعدديات المتقاربة (جوز أو بيض) والذرعيات (كالقماش).
(٥) راجع بداية المجتهد: ٤٠٣/ ٢، الشرح الكبير للدردير: ٢٦٧/ ٤، المغني: ٧٦٠/ ٧، مغني المحتاج: ٥٦/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>