الحسنى} [النساء:٩٥/ ٤] الله سبحانه وعد الحسنى كلاًّ من المجاهدين والقاعدين عن الجهاد، ولو كان الجهاد فرض عين لما وعد القاعدين الحسنى؛ لأن القعود يكون حراماً.
وقوله سبحانه:{وما كان المؤمنون لينفروا كافة، فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين}[التوبة:١٢٢/ ٩] الآية، ولأن المقصود من الجهاد ـ وهو الدعوة إلى الإسلام، وإعلاء الدين الحق، ودفع شر الكفرة وقهرهم ـ يحصل بقيام البعض به، فإذا قاموا به يسقط عن الباقين.
وإن ضعفوا عن مقاومة الكفرة، فعلى من يجاورهم من المسلمين، الأقرب، فالأقرب: أن يجاهدوا معهم وأن يمدوهم بالسلاح والمال.
ولا يجوز للمرأة الاشتراك في الجهاد إلا بإذن زوجها؛ لأن القيام بحقوق الزوجية فرض عين، كما لا يجوز الجهاد للولد بدون إذن أبويه أو أحدهما إذا كان الآخر ميتاً؛ لأن بر الوالدين فرض عين، فيكون مقدماً على فرض الكفاية.
وأقل الجهاد عند توافر القوة مرة في السنة كإحياء الكعبة، ولقوله تعالى:{أوَ لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين}[التوبة:١٢٦/ ٩] قال مجاهد: نزلت في الجهاد ولفعله صلّى الله عليه وسلم منذ أمر به.
وكان الجهاد على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم فرض كفاية، لقوله تعالى:{لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر} ـ إلى قوله تعالى - {وكلاً وعد الله الحسنى}[النساء:٤/ ٩٥] ففاضل سبحانه وتعالى بين المهاجرين والقاعدين، ووعد كلاً الحسنى، والعاصي لا يوعد بها، ولا يفاضل بين مأجور ومأزور. وأما بعد النبي صلّى الله عليه وسلم فللكفار حالان: