للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بريدة عن أبيه، قال: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا أمَّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصيته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً .. ثم قال: وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال، فأيتهن ما أجابوك، فاقبل منهم، وكف عنهم: ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك، فاقبل منهم، وكف عنهم ... فإن أبوا فسلهم الجزية، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، وإن أبوا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم ... » الحديث (١).

ومن الأحاديث التي لا توجب الإبلاغ أو الدعوة إلى الإسلام: ما روي عن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أغار على بني المُصطَلِق وهم غارّون (أي غافلون) وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم وسبى سبيهم (٢). ومنها ما رواه أسامة بن زيد أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان عهد إليه فقال: «أغر على أبنى (٣) صباحاً، وحرّق» (٤) والغارة لا تكون مع الدعوة.

الحديثان الأولان وغيرهما يعتبران الدعوة إلى الإسلام شرطاً في جواز القتال، والحديثان الآخران يجيزان الإغارة على العدو بدون دعوة جديدة، نظراً لأنه سبق له بلوغ الدعوة، وإزاء هذا التعارض في الظاهر قال أرباب الرأي الأول والثاني: إن بعض الأحاديث ينسخ بعضها، أو يخصص الفعل بزمن النبوة.


(١) رواه الجماعة إلا البخاري، وصححه الترمذي (راجع نيل الأوطار، المرجع السابق، جامع الأصول: ٢٠١/ ٣، نصب الراية: ٣٨٠/ ٣، سبل السلام: ٤٦/ ٤، الإلمام: ص ٤٨٤).
(٢) رواه أحمد والشيخان (راجع نيل الأوطار، المرجع السابق، ص ٢٣٢، جامع الأصول: ٢٠٤/ ٣، نصب الراية: ٣ص ٣٨١، سبل السلام: ص ٤٥، الإلمام: ص ٤٨٦).
(٣) أبنى ـ كحبلى: موضع بفلسطين بين عسقلان والرملة.
(٤) رواه أبو داود وابن ماجه (راجع سنن أبي داود: ٣٥٢/ ١، سنن ابن ماجه: ص ٢٠٩، نصب الراية: ٣٨٢/ ٣، نيل الأوطار: ٢٥٠/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>