للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واكتفى المالكية والحنابلة بمسح اليدين إلى الكوعين، أما من الكوعين إلى المرفقين فسنة، مستدلين بقوله تعالى: {وأيديكم} [المائدة:٦/ ٥]، وإذا علق حكم بمطلق اليدين، لم يدخل فيه الذراع، كقطع السارق، ولحديث عمار بن ياسر: أن النبي صلّى الله عليه وسلم أمره بالتيمم للوجه والكفين (١)، ولقول عمار: أجنبت فلم أصب الماء، فتمعكت (تمرغت أو تقلبت) في الصعيد، وصليت، فذكرت ذلك للنبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: إنما كان يكفيك هذا، وضرب النبي صلّى الله عليه وسلم بكفَّيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه (٢).

والمفروض عند الحنفية والشافعية: ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين. وقال المالكية والحنابلة: الفريضة: الضربة الأولى: أي وضع الكفين على الصعيد، وأما الضربة الثانية فهي سنة، كما سيأتي.

وسبب الخلاف: أن الآية مجملة في ذلك، والأحاديث متعارضة، وقياس التيمم على الوضوء في جميع أحواله غير متفق عليه. والذي في حديث عمار الثابت من ذلك: إنما هو ضربة واحدة للوجه والكفين معاً، وهناك أحاديث فيها ضربتان، فرجح الجمهور هذه الأحاديث قياساً للتيمم على الوضوء، ومن هذه الأحاديث حديث ابن عمر: «التيمم ضربتان: ضربة للوجه وضربة لليدين» (٣) وروى أبو داود: «أنه صلّى الله عليه وسلم تيمم بضربتين مسح بإحداهما وجهه، وبأخرى ذراعيه» (٤).


(١) رواه الترمذي وصححه (نيل الأوطار:٢٦٣/ ١).
(٢) متفق عليه، وفي لفظ: «إنما كان يكفيك أن تضرب بكفيك في التراب، ثم تنفخ فيهما، ثم تمسح بهما وجهك وكفيك إلى الرسغين» رواه الدارقطني (نيل الأوطار:٢٦٤/ ١).
(٣) أخرجه الحاكم والدارقطني والبيهقي، لكن في إسناده ضعيف، وهو موقوف على ابن عمر.
(٤) فيه راوٍ ليس بالقوي عند المحدثين، فسنده ضعيف (انظر نصب الراية:١٥٠/ ١ - ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>