للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحنابلة: اليمين التي يبرأ بها المدين هي اليمين بالله، وإن كان الحالف كافراً، لقوله تعالى: {فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما} [المائدة:١٠٧/ ٥] وقوله سبحانه: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم} [النور:٥٣/ ٢٤] قال بعض المفسرين:

«من أقسم بالله، فقد أقسم جهد اليمين» (١).

وقال الحنفية: للقاضي أن يحلِّف المسلم من غير تغليظ مثل: (بالله) أو (والله)، وله أن يغلظ، أي يؤكد اليمين بذكر أوصاف الله تعالى مثل قوله: قل: (والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية: ما لفلان هذا علي ولا قبلي هذا المال الذي ادعاه وهو كذا وكذا، ولا شيء منه) وله أن يزيد على هذه الصيغة وله أن ينقص منها، إلا أنه يجتنب العطف كيلا يتكرر اليمين؛ لأن المطلوب منه يمين واحدة. ولا يستحلف بالطلاق في ظاهر الرواية، لقوله عليه الصلاة والسلام: «من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت» وفي لفظ: «أو ليذر».

ولا يجب تغليظ اليمين عند الحنفية والحنابلة على المسلم بزمان كيوم الجمعة بعد العصر، ولا بمكان مثل بين الركن والمقام بمكة، وعند منبر النبي صلّى الله عليه وسلم في المدينة؛ لأن المقصود تعظيم المقسم به، أي الله تعالى، وهو حاصل بدون ذلك، وفي إيجابه حرج على القاضي، حيث يكلف حضورها، والحرج مرفوع (٢).

وقال مالك والشافعي كما تقدم: تغلظ اليمين في الزمان في اللعان؛ لأن الله تعالى قال في اللعان محدداً أن يكون بعد صلاة العصر: {تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمناً} [المائدة:١٠٦/ ٥] وتغلظ في


(١) راجع بداية المجتهد: ٤٥٥/ ٢، المغني: ٢٢٦/ ٩، مغني المحتاج: ٤٧٢/ ٤.
(٢) تكملة فتح القدير: ١٧٤/ ٦، البدائع: ٢٢٧/ ٦، اللباب شرح الكتاب: ٤٠/ ٤ ومابعدها، المغني: ٢٨٨/ ٩ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>